تشهد عدة ولايات أمريكية أعاصير مدمرة..فبعد إعصار هارفي الكارثي الذي خلف ما لا يقل عن 60 ضحية في ولاية تكساس، ضرب إعصار ايرما الساحل الغربي لولاية فلوريدا. وحمل الاعصار معه رياحا هائلة منذراً بإرتفاع منسوب المياه بشكل يهدد الحياة، وأجبر السكان على مغادرة منازلهم. وهكذا شهدت الولايات المتحدة أكبر عملية إجلاء في تاريخها.

 

وكانت قد سجلت مراكز بحوث الأعاصير أرقاما قياسية، اذ لأول مرة يجتمع إعصارين معًا-إعصاري إيرما وخوسيه، وتتخطى سرعة كل منهما الـ 240 كيلومتر في الساعة. وكان إيرما قد سجل رقماً قياسياً جديدًا حيث أنه أول إعصار في التاريخ يحافظ على سرعته 300 كلم في الساعة لأكثر من 65 ساعة.

 

ومن البديهي أن تدفع بنا هذه الأرقام القياسية لطرح السؤال التالي: ما هو دور التغير المناخي في ما يحصل اليوم؟

 

من الصعب التعرف على الأسباب المباشرة لتكوّن وتطور الأعاصير، ولكن على الرغم من ذلك، يؤكد العلماء التالي: مع كل ارتفاع في معدل حرارة الطقس بدرجة مئوية واحدة، يرتفع متوسط نسبة الرطوبة بمعدل 7% وهذا وفقاً لمعادلة كلوسيوس – كلابيرون.

وبالنسبة لأستاذ علوم الأرض في جامعة برينستون، غابرييل فيشي، والذي يدرس الأحداث الجوية المتطرفة :”ان المحيط الأكثر دفئا يجعل الجو أكثر دفئا، والجو الأكثر دفئا يكون أكثر رطوبةً. لذلك، كل الأشياء الأخرى متساوية، العاصفة عينها في كوكب أكثر دفئا سوف تعطيك المزيد من الأمطار.”  ويعتبر موسم الأعاصير هذا الصيف دافئا، وبالاخص في منطقة المحيط الأطلسي حيث تتشكل الأعاصير، مع حرارة سطح البحر بين 0.5 درجة مئوية و 1 درجة مئوية فوق المعدل، وهذا وفقا لبيانات من الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA).   

 

هذه الحرارة المرتفعة تعني أن الأعاصير ستحمل معها المزيد من المياه، فالارتفاع في نسبة الرطوبة يؤدي إلى إرتفاع في كمية الأمطار الهاطلة أثناء الإعصار والتي تتسبب في فيضانات غير مسبوقة. وخير دليل على هذا الوضع هو اعصاري هارڤي وإيرما. اذ تحولت شوارع مدينة هيوستن إلى ما يشبه الأنهار الجارية جراء وصول معدل سقوط الأمطار المرفقة مع إعصار هارفي إلى حوالي 120 سنتيمتر. أما إعصار إيرما فتسبب بإغراق أجزاء من مدينة ميامي تحت مياه الأمطار التي بلغ عمقها في بعض المناطق 60 سنتيمترا.

 

إن التغير المناخي أصبح واقعاً ولا يمكننا إغفال تأثيراته على كوكبنا. وكما رأينا، إن إرتفاع درجات الحرارة يجعل من الكوارث الطبيعية أكثر سوءًا. واليوم انكسرت أرقاما قياسية عدة، ودمرت مناطق عدة، وأناس تلقى حتفها جراء هذه الكوارث الطبيعية. التغير المناخي يحدث بوتيرة متصاعدة، وبالتالي الكوارث الطبيعية ستصبح أسوأ، مما لا يبشر بمستقبل مشرق.

 

فهل يمكن أن يحدث شيء أسوأ من إيرما؟

 

سارة عبد الغفور.