كل ما عليك معرفته حول الكورونا وتلوّث الهواء!

 في كانون الثّاني 2020، ووفقًا لمنظّمة الصّحة العالمية، أعلن عن وجود فيروس كورونا. منذ تلك اللّحظة فرض هذا الفيروس على العالم نظام جديد بالكامل، لم تكن الحكومات مجهزة للعمل على مواجهة أزمة صحية من هذا النوع. ومع مرور الوقت، بدأت تنتشر أخبار ومقالات حول التّغيرات الإيكولوجية التّي حصلت منذ بدء الجائحة كخروج الحيوانات من مخابئها، الشّفاء التّدريجي لأكبر ثقب في طبقة الأوزون وإنخفاض نسبة تلوّث الهواء في بعض المدن. هذه الأخيرة أخذت أكبر حيّز من الإهتمام سواء كان من المختّصين أو غير.

فهل فعلاً هناك علاقة بين الكورونا وتلوّث الهواء؟ وإذا كانت موجودة، ما هي بالتّحديد، وما هي العبر التّي يمكننا استخلاصها؟

ما هو تلوّث الهواء؟

  لفهم العلاقة التّي ما زالت قيد الدّراسة، علينا أوّلاً أن نفهم ما هو تلوّث الهواء؟ بشكلٍ مبسّطٍ ومختصرٍ، تلوّث الهواء هو انبعاث الملوّثات السامة في الهواء التي لها ضرر كبير على صحة الإنسان والحيوانات وعلى كوكب الأرض بشكل عامّ. وغالباً ما يأتي تلوّث الهواء من الاعتماد المفرط على موارد الطّاقة التقليدية مثل الوقود الأحفوري والذّي يؤدّي عند حرقه إلى انبعاث غازات ومواد كيميائية في الهواء.

هل تؤثّر الإستجابة لكوفيد-19 على تلوّث الهواء؟

  غيّر الحجر المنزلي وغيره من الإجراءات العديد من الأنشطة البشرية التي تؤدّي إلى تلوّث الهواء. فقد توقَّفت الأنشطة المسبّبة للتلوّث أو تراجعت بعض الصناعات وحركة النقل. وبناءً على ذلك، في أوائل شهر آذار، أشارت العديد من المنظّمات إلى انخفاض نسب التلوّث بسبب إغلاق الصين ثمّ إيطاليا. لكن الأيام السّتة التّي تلتها، أوضحت كيف أنّ أنماط الطّقس تصعّب من عملية تفسير هذه البيانات. وبالتّالي، هناك عوامل عدّة تتحكّم بمستويات تركيز تلوّث الهواء لذلك من الصّعب القول أنّ الإستجابة للكورونا ساهمت بتخفيضه. ولكن هناك تخوّف أيضاً، اذ يحذّّر العلماء من الاحتفال بأية انتصارات صغيرة على صعيد الإنخفاض في تلوّث الهواء في هذه الفترة، لأنّ قد تعود مستوياته إلى ما كانت عليه عند رفع القيود الموضوعة لمواجهة الكورونا!

هل يؤثّر تلوّث الهواء على حدّة الكورونا؟

  نشرت دراسات عدّة تبحث في إمكانية وجود صلة بين مستويات التلوّث ومدى فتك الكورونا. كشفت دراسة أنّ تلوّث الهواء يقّصر الحياة في جميع أنحاء العالم متوسّط ثلاث سنوات، ويتسبّب في 8.8 مليون حالة وفاة مبكرة سنويًا. تشير الملاحظات الأوّلية إلى أنّ فيروس الكورونا أكثر خطورة في المناطق شديدة التلوّث. وفي هذا السّياق تشير إحدى الدّراسات التّي نشرت في 20 نيسان في مجلّة علم البيئة أنّ 78% من وفيّات الكورونا في أوروبا تتركّز في المناطق الخمس الأكثر تلوّثًا. وهذا ما أكّده أيضًا علماء صينيون بين عاميّ 2002 و2004 عندما تفشّى سارس وهو من ذات عائلة فيروس الكورونا. وكشفت دراسة عام 2003 أنّ المرضى في مناطق تلوث الهواء “المعتدل” أكثر عرضةً للوفاة بنسبة 84٪ من أولئك الذّين يعيشون في مناطق ذات تلوّث هواء منخفض.

  على صعيد آخر، من المحتمل أنّ خطر العدوى يزيد بسبب تأثير تلوّث الهواء على الجهاز المناعي. الدّراسات تظهر أنّ المستويات المرتفعة من تلوّث الهواء تؤثر على الخلايا ومنها خلايا المجاري الهوائيّة بطريقة تسهّل الإصابة بالفيروس.

ومن الممكن أن يسبّب التّعرّض المطوّل لثاني أوكسيد النّيتروجين لآفات مشابهة لتلك التّي يسبّبها الكورونا ، مثل تلف الرّئة ومشاكل الجهاز التنفسي وفشل القلب. لذلك ربّما يضعف التلوّث الجهاز التّنفسي فيصبح أقّل جهوزيّة لمحاربة الفيروس.

  يمكننا القول إذاً أنّه هناك أدّلة تربط بين التّعرّض لتلوّث الهواء وزيادة حصول الالتهابات الفيروسية التنفّسية ونتائج أكثر خطورةً لها. لكن ما يمكن جزمه هو أنّ التّرابط بين هذين المتغيرين لا يشير بالضرورة إلى وجود علاقة سببيّة، فهناك عوامل أخرى مثل الكثافة السّكانية تلعب دوراً في زيادة انتشار الفيروس.

  كل ما ذكر يشير إلى ضرورة تغيير أنظمتنا وعاداتنا الإيكولوجية والاقتصادية والعمل على وضع صحّة الإنسان والكوكب أوّلًا. ثمّ ان انخفاض مستويات تلوث الهواء مع الالتزام في الحجر المنزلي، ليسَ بأفضل سبيل لخفض التلوّث، لكنَّه برهانٌ على أنَّ تلوّث الهواء من صنع الإنسان، ويمنحُنا ذلك الكثير من التشجيع ويُقدِّم فسحةً من الأمل بأنّنا نستطيع التقليل من التلوّث. ولكن نستنتج من ذلك بأن عندما نستعيد زمام السيطرة على الأمور بشكلٍ أفضل… علينا أن ننتقل بخطواتٍ أسرع نحو الطاقة المتجدّدة. فسيكونُ من المؤسف فعلًا لو ارتكبنا الخطأ نفسه مجدّدًا، مُعتمِدين على الفحم والطاقة غير المتجدّدة.  
عندما يزولُ شبح تفشّي فيروس كورونا، ونأمل ان يحدث ذلك بأسرع وقت ممكن، سيكون من المهم جداً مراقبة ومحاسبة عمل الحكومات والتأكد ما إذا كانت ستضع أموالها في سبيل إرساء مستقبل أنظف وصحيّ لنا جميعاً! لأن الانسانية قبل الربح المادي.

من أجل هواء صحيّ ونظيف

يتعرض أكثر من ٩٠٪ من سكان العالم للهواءالخارجي السامّ. ويقدّر أن تلوث الهواء يتسبب في أكثر من ٧ ملايين حالة وفاة مبكرة في جميع أنحاء العالم سنويًا.

انضم إلينا