مع دخول مفاوضات مؤتمر الأطراف (COP28) مرحلتها الأخيرة، تدعو منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الدول العربية للمساهمة في جعل المؤتمر حدثًا تاريخيًا، وذلك من خلال التوصّل إلى اتفاقٍ يهدف إلى التخلّص التدريجي العادل والمنصف من الوقود الأحفوري بحلول العام 2050.

قالت المديرة التنفيذية في منظمة غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، غوى النكت: “في وقت يواجه ملايين الأشخاص في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الآثار والتداعيات المُتصاعدة لأزمة المناخ، يتوّجب على المجموعة العربية، برئاسة المملكة العربية السعودية في مؤتمر الأطراف (COP28) أن تتبنّى الهدف نفسه الذي وضعته رئاسة دولة الإمارات العربية المتحدة للمؤتمر سويةً مع وكالة الطاقة الدولية. ويتمثّل هذا الهدف في العمل على التخفيض التدريجي للوقود الأحفوري خلال العقد الحالي، بما لا يتخطّى عتبة 1.5 درجة مئوية. والعمل معاً لجعل مؤتمر الأطراف هذا علامةً فارقة في العمل المناخي العالمي. هنا في دبي نقف على المحكّ لجعل قمة المناخ هذه تاريخية، وذلك في حال قرر قادة العالم دعم مطلب التخفيض من الوقود الأحفوري بحلول العام 2030 مع الالتزام بالتخلص من الوقود الأحفوري بحلول منتصف القرن.”

يتضمّن نص قرار التقييم العالمي الذي تمّ اقتراحه بشكل صريح خيار التخلّص التدريجي من الوقود الأحفوري، بما يتماشى مع مسار 1.5 درجة مئوية الذي حددته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ. تحتاج الدول العربية لأن تساهم بشكلٍ بنّاء في العمل المناخي العالمي، وليس فقط على صعيد المجموعة العربية. ولكن يجب أن تصل مساهمتها إلى مجموعات البلدان الأفريقية والبلدان الأقل نموًا، لكي تعكس بشكل أفضل الإرادة والاحتياجات الجماعية لهذه المجموعات المتنوعة.

وفي وقت أفاد عدد من التقارير أنّ منظمة الدول المصدرة للنفط “أوبك” قد حثّت  الدول الأعضاء على رفض أي اتفاقيات تستهدف الوقود الأحفوري، ترى غرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أنّ هذا الأمر يُظهر لنا بوضوح أنّ “أوبك” تشعر بخوف حقيقي، مع التطورات الأخيرة في مفاوضات المناخ في ما يخص التخلّص التدريجي من الوقود الأحفوري. مع العلم أنّ كانت قد أظهرت أحدث الأبحاث الصادرة عن منظمة “كريستيان آيد” والمعهد الدولي لتحليل النظم التطبيقية في فيينا أنّ كل من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية سيواجهان انخفاضًا في نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 72% بحلول العام 2100، وذلك في حال تمّ السماح لارتفاع درجة الحرارة العالمية بأن تصل إلى 3 درجات مئوية.”

وقالت الفاعلة في العمل المناخي، والمؤسّسة المشاركة لشبكة شباب الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومديرتها التنفيذية ريم الصفّار: “إنّ المسبّب الرئيسي لأزمة المناخ هو كميّة الإنبعاثات الهائلة الناتجة عن النشاط الصناعي لدول الشمال العالمي واستغلالهم للموارد واليد العاملة التابعة للجنوب العالمي. نحن نحتاج إلى تحوّل تدريجي وعادل نحو الطاقة المتجدّدة بشكل يضمن توزيع الأعباء والفوائد بشكل عادل أيضًا مع إعطاء الإهتمام للمجتمعات المهمّشة تاريخيًا والأكثر ضعفًا.

تتفاقم أسوأ الآثار الناتجة عن تغيّر المناخ بسبب الإنبعاثات الناتجة عن حرق الوقود الأحفوري في غلافنا الجوي. كيف من المفترض أن تستمّر أية دولة، إذا كان الشيء الذي يحيي اقتصادها ويؤمن معيشة شعبها هو الشيء عينه الذي يدمّر أراضيها، ويقضي على تنوّعها البيولوجي ويضّر بصحة شعبها.”

يجب تطبيق مبادئ توزيع الأعباء وتحمّل المسؤوليات التاريخية بشكل عادل خلال رحلة التخلّص التدريجي من الوقود الأحفوري، بحيث تبدأ أوّلًا بها الدول المتقدّمة وبوتيرة أسرع. وعلى أن تترافق حزمة التمويل الشاملة أن جنبًا إلى جنب مع طموح التخلّص التدريجي من الوقود الأحفوري ضمن إطار ضريبة السلع والخدمات. يجب أن يدفع المسؤولون التاريخيون عن الإنبعاثات، سواء أكانوا شركات أو بلدانًا، ثمن مساهمتهم في الكوارث المناخية وآثارها على المجتمعات الأكثر ضعفًا وأن يساعدوا هذه الشعوب على الإنتقال إلى مستقبل يعتمد على مصادر الطاقة المتجدّدة.

وقال المدير التنفيذي لمؤسسة غرينش محمد كمال: “تحتلّ أكبر مدن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لائحة المدن الأعلى دوليًا لناحية مستويات تلوّث الهواء، وهذا يرتبط بشكل مباشر بالنشاطات المعتمدة على الوقود الأحفوري بما في ذلك حرق الغاز على نطاق واسع. على سبيل المثال، يُعتبر العراق  ثاني أكبر مساهم على مستوى العالم، حيث يتم حرق 17,8 مليار متر مكعب من الغاز سنويًا. يُطلق حرق الغاز أكثر من 250 مادة سامة، ممّا يشكل مخاطر صحيّة شديدة، مثل زيادة معدلات السرطان ومشاكل الجهاز التنفسي. ثم إنّ إحدى العوامل الأساسية المساهمة في تلوث الهواء في المنطقة هو الإنبعاثات القذرة الناتجة عن وسائل النقل بسبب رداءة جودة الديزل، حيث تعطي الحكومات الأولوية للتدخلات الاقتصادية على حساب الصحة العامة والبيئة المحلية.”

بدورها قالت مديرة برنامج السياسة البيئية في مبادرة الإصلاح العربي، سارين كراجرجيان: “نحتاج لأن ننظر إلى مصادر الطاقة المتجددة باعتبارها مشروعاً تمكينياً يمكنه أن يُحرّرنا، ويُوفّر الطاقة النظيفة لسكان المنطقة. وهذا بالتحديد ما تتطلبه مسألة الانتقال العادل. ونتحدث هنا عن الطاقة النظيفة التي يتم تأمينها بأسعار معقولة، وتكون غير مُخصّصة فقط للتصدير بل مُتوفرة للجميع: أي من السكان المحرومين على أطراف المدن، وصولاً إلى سكان القرى النائية. حان الوقت للانتقال إلى نموذج اقتصادي لا يقتصر فقط على استبدال صادرات النفط بصادرات الطاقة النظيفة، لكنّه يتمحور حول فكرة أن يستفيد السكان أنفسهم من هذه الطاقة النظيفة.”

وأضافت: “إذا أكملنا بالطريق عينه، فمن الممكن أن نشهد ارتفاعاً بدرجات الحرارة بمقدار 4 درجات بحلول العام 2050. وهو الأمر الذي سيجعل الكثير من مساحات المنطقة غير صالحة للسكن خلال معظم أيام السنة. مما سيُحتّم على المجتمعات الضعيفة أن تتحمل الجفاف والحرارة الشديدة، ما يجعلها الأكثر تضرراً من كل هذه الأزمة.”

-إنتهى-

للاستفسارات الإعلامية، يرجى الاتصال بـ:

[email protected]

+971 50 530 7083