في غضون أيام قليلة، ستلعب مصر دور المضيف لمؤتمر الأطراف السابع عشر (COP27)، حيث سيجتمع قادة العالم لإجراء مفاوضات حول تغير المناخ في قلب قارة تعاني معظم بلدانها من آثار شديدة لارتفاع درجات الحرارة وتشهد نقص واضح وحاد في المياه، وزيادة في المساحات المُعرضة للجفاف والتصحر. يعتبر المؤتمر السابع والعشرون للأطراف (COP27) ضروريًا لتحقيق العدالة المناخية وتقليل حجم الخسائر والأضرار التي لا رجعة فيها في مستقبل هؤلاء الذين يعيشون في دول الجنوب العالمي. حيث تتزايد تأثيرات تغير المناخ على الدول الفقيرة التي تدفع فاتورة الانبعاثات التاريخية عن البلدان الغنية، تلك التي ساهمت بهذا التلوث بشكل أكبر على مدى السنين.

ما المقصود بقمة المناخ (COP)؟

المقصود به مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ. كل عام، تجتمع الدول الأطراف في بلد جديد لمناقشة الخطط والسياسات لمعالجة آثار تغير المناخ.

هذا العام  في الفترة الممتدة بين من 6 إلى 18 نوفمبر، سيتم استضافة القمة في مدينة شرم الشيخ في مصر الواقعة في شمال شرق إفريقيا. ولذلك يُعرف مؤتمر هذا العام باسم بقمة المناخ الأفريقية – ومن المتوقع أن يتم التركيز على مشاكل التمويل والتكيف والخسائر والأضرار التي لم يتم تناولها بشكل كافٍ في مؤتمر الأطراف السادس عشر في غلاسكو.

ماذا تفعل غرينبيس في قمة المناخ؟

تُرسل غرينبيس كل عام ممثلين إلى قمة المناخ  بما في ذلك خبراء سياسيين وفريق من العلماء وفاعلين في العمل المناخي، وكذلك الأشخاص الموجودين في الخطوط الأمامية لأزمة المناخ من المتضررين والشعوب الأصلية، للإستماع الى المحادثات ومراقبة الأجواء العامة والتأكد من أن صناع القرار يستمعون لمطالبنا الرئيسية.

كما أننا ندعم ونعمل مع المجموعات المحلية والسكان الأصليين المتضررين الذين ستؤثر قراراتهم في قمة المناخ السابعة عشر، بشكل فوري ومباشر لأنهم على الرغم من كونهم الأقل مسؤولية، فإن هذه المجتمعات هي من الأكثر تأثراً من أزمة المناخ.

لماذا تعتبر قمة المناخ مُهمة لسكان منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا؟

المرة الأخيرة التي عقدت فيها قمة المناخ في دولة من دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا كانت في العام 2016، عندما انعقد مؤتمر الأطراف الثاني عشر في مدينة مراكش في المغرب. لذلك مؤتمر هذا العام مهم لنا كدول مُتضررة وواقعة في المنطقة العربية.

وفقًا لدراسة نشرتها دورية Regional Environmental Change، تعد منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا واحدة من أكثر المناطق عرضة للتأثيرات الضارة لتغير المناخ في العالم. وأكدت الدراسة أن المنطقة تأثرت بالفعل بالحرارة المفرطة وندرة المياه.

أضافت الدراسة أنه مع ارتفاع درجة حرارة الأرض بمقدار 4 درجات مئوية، قد يرتفع متوسط ​​درجات الحرارة في المنطقة خلال الصيف بما يصل إلى 8 درجات مئوية، سيتسبب ذلك في انخفاض ​​تدفق المياه بنسبة 75٪، ويمكن أن يزداد جفاف الأرض بأكثر من 60٪ في عدة مناطق من المنطقة.

تعاني المنظومات الحيوية والمجتمعات وسبل عيشها في الجزائر ومصر ولبنان والمغرب وتونس والإمارات العربيّة المتحدة جميعها من الآثار السلبية لتغير المناخ المتسارع، بحسب تقرير جديد من “مختبرات غرينبيس للبحوث” في جامعة إكسيتر في المملكة المتحدة بعنوان: “على شفير الهاوية: تداعيات تغيُّر المناخ على ستة بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا.” يبيّن التقرير أن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تعاني من ظاهرة الاحترار بوتيرة تقارب ضعف المعدل العالمي، ويوضح مدى عرضة المنطقة للآثار والتداعيات الخطيرة الناجمة عن تغير المناخ، بما في ذلك الشح الحاد في المياه. 

الكثير من البلدان في المنطقة تشهد بشكل طبيعي ظروفًا جافة ودافئة للغاية مقارنةً بأجزاء أخرى من العالم، مما يجعل الحياة صعبة للوهلة الأولى، وعلاوة على ذلك، وعلى الرغم من التنوع الملفت في أنماط الطقس والمناخ سنةً بعد أخرى، يبدو الآن واضحًا أنّ المنطقة ككلّ ترتفع حرارتها بمعدّل متسارع يصل إلى 0.4 درجات مئوية لكلّ عقد منذ ثمانينات القرن العشرين، أي ما يعادل ضعف المعدّل العالمي>

وكذلك الزراعة البعلية وحياة المزارعين الفقراء معرضة بشكل خاص للآثار السلبية لتغير المناخ. قد يؤدي انخفاض الغلة والاعتماد الأكبر على الواردات الغذائية إلى إلحاق الضرر بالجميع بما فيهم سكان الحضر المُعرضين لارتفاع تكاليف الغذاء. ولكن في المناطق الريفية فالمزارعين مُعرضون بشكل خاص للجوع وسوء التغذية كنتيجة مباشرة لفقدان الغلة. 

الفقراء سيتحملون العبء الأكبر من آثار تغير المناخ على موارد المياه والأراضي والصحة وأنظمة الطاقة، حيث يعاني حوالي 25 مليون شخص من سوء التغذية في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقي ، بما في ذلك أربعة ملايين في شمال إفريقيا (2.7٪ من السكان) و 21 مليون في غرب آسيا (10٪ من إجمالي السكان).

نتيجة لذلك، فإن قمة المناخ السابعة عشر مهمة لإيصال صوت المتضررين من التغير المناخي في المنطقة العربية وشمال أفريقيا والمطالبة بالتعويض عن الخسائر والأضرار التي لحقت بهم والحصول على التمويل اللازم للتكيف معها في أسرع وقت ممكن.

ثلاث مطالب رئيسية لغرينبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

هناك ثلاث قضايا وأولويات كبرى تحتاج إلى قرار في قمة المناخ هذا العام لتحقيق مبدأ العدالة المناخية في العالم. 

  1. قضية “الخسائر والأضرار” والتي  تشير إلى الآثار الضارة لتغير المناخ التي لا يمكن منعها عن طريق التخفيف، وهو تقليل انبعاثات غازات الاحتباس الحراري أو حتى التكيف مع التغيرات المناخية.

لذلك تطالب غرنبيس الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، الحكومات في شمال الكرة الأرضية والجهات التاريخية للانبعاثات بإنشاء مرفق الخسائر والأضرار، بتمويل يأتي من الملوثين الرئيسيين مثل شركات النفط الدولية.

  1.  تمويل التكيف، وهو عبارة عن الإجراءات التي تساعد المجتمعات الفقيرة المُتضررة على تقليل المخاطر والأضرار التي تواجهها من مخاطر المناخ مثل العواصف أو الجفاف.

لذلك نُطالب حكومات الملوثين التاريخين بالالتزام والتوسع في التعهدات السابقة لتمويل المناخ من أجل التكيف والتخفيف، وكذلك نقل المعرفة والتكنولوجيا  بناءً على التوصيات العلمية، والتأكد من التزامها بمسارات التنمية البديلة.

  1.  تحقيق الانتقال العادل للطاقة، والذي سيتحقق عن طريق تحول صناعة الطاقة العالمية من الوقود الأحفوري إلى سياسات فعالة تعزز موارد الكتلة الحيوية وزيادة استخدام الطاقة المتجددة.

وبناء على ذلك نطالب جميع قادة العالم بالتخلص التدريجي من استخدام الوقود الأحفوري على الفور من خلال تعزيز الالتزامات المناخية وتنفيذها.

كما نطالب جميع حكومات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بصياغة وتنفيذ استراتيجيات تكيف عالية الجودة وخطط تنفيذية تعطي الأولوية للمجتمعات الأكثر ضعفاً، وكذلك صياغة خطط انتقالية عادلة والالتزام بمسارات التنمية البديلة للسعي لتحقيق سيادة الطاقة المستدامة والعدالة الاجتماعية والقدرة على التكيف مع تأثيرات المناخ.

الخسائر والأضرار

تعكس قضية الخسائر والأضرار حقيقة أن تغير المناخ له بالفعل آثار سلبية على النظم البيئية والبنية التحتية وصحة الناس وسبل عيشهم. يتم تصنيف الخسائر والأضرار على أنها اقتصادية وغير اقتصادية (غير ملموسة).

الخسائر والأضرار الاقتصادية هي تلك المتعلقة بسبل العيش والممتلكات، والأضرار التي لحقت بالبنية التحتية، وتعطيل الأنشطة الاقتصادية مثل انخفاض الإنتاج الزراعي والسمكي، أو عدم القدرة على توفير السلع والخدمات.

الخسائر والأضرار غير الاقتصادية أو غير الملموسة، وهي تلك المرتبطة بالوفيات وخسائر التنقل والصحة العقلية والهوية البشرية والمعرفة وطرق المعرفة والنسيج الاجتماعي.

لماذا يلزم اتخاذ إجراءات بشأن الخسائر والأضرار؟

البلدان الفقيرة والمجتمعات المهمشة والتي تساهم بأقل قدر في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، تدفع الثمن الأكبر لتغير المناخ. تتحمل هذه البلدان الآثار الشديدة وتبعات تغير المناخ على الأمن الغذائي والتغذية وسبل العيش، وتحتاج بشكل عاجل إلى التمويل لترميم وإعادة بناء منازلها وسبل عيشها. هذا هو السبب في أن تمويل الخسائر والأضرار جزء لا يتجزأ من العدالة المناخية التي لا تقتصر على إيجاد حلول لأزمة المناخ فحسب، بل يخلق عالمًا أكثر عدلاً ومساواة.

لذلك، لا يمكن تحقيق العدالة المناخية دون وضع آلية مالية عادلة ومنصفة لدول الجنوب، لذا في الدورة السابعة والعشرين لمؤتمر الأطراف، يجب أن يتم إنشاء مرفق مخصص لتمويل الخسائر والأضرار لمساعدة البلدان المعرضة لتغير المناخ على التعامل مع آثار كوكب يمر بأزمة.