تعرضت منطقتنا هذا الصيف لموجة حر غير مسبوقة وشهدت أسوأ حوادث لحرائق الغابات. لقد شهدنا ما يقرب من ضعف متوسط ​​عدد حرائق الغابات التي نشهدها عادة، هذا وقد زادت من ناحية حدتها وقساوة تدميرها. أدت هذه الظواهر الجوية المتطرفة إلى خسائر فادحة في الأرواح البشرية والتنوع البيولوجي، والهجرات القسرية، ناهيك عن تدهور جودة الهواء في خضم جائحة كورونا. لكن ما علاقة هذه الكوارث بتغير المناخ؟

شهدت الجزائر أكثر من 100 حريق للغابات خلال شهر واحد، آب/أغسطس، مما تسبب في أضرار أكثر من جميع الحرائق في السنوات الـ 12 الماضية، مما أسفر عن مقتل 90 شخصًا وتدمير أكثر من 10 آلاف هكتار من الأراضي والغابات. في تونس، اجتاحت الحرائق البلاد في حزيران/يونيو، ودمرت أكثر من 5000 هكتار من الغابات. كما اندلعت الحرائق في شمال لبنان ، ودمرت 7500 هكتار من الأراضي، والتي انتقلت بدورها سريعاً إلى جنوب غرب سوريا.

أشارت بعض البلدان، بما في ذلك الجزائر، أن الحرائق سببها بعض الصراعات الداخلية. وعلى الرغم من أن حرائق الغابات عادة ما تكون ناتجة عن فعل بشري، وفي أحيان أخرى عن أسباب طبيعية، إلا ان من المتفق عليه الآن على نطاق واسع بين المجتمع العلمي أن تغير المناخ يؤدي إلى تفاقم عدد وكثافة واحتمال حدوث هذه الكارثة الطبيعية. يؤثر تغير المناخ على المنطقة من خلال ظروف الجفاف، مما يؤدي إلى الجفاف والتصحر، وانخفاض هطول الأمطار – وكلها تؤدي إلى الحرائق.

تتغذى حرائق الغابات من الاحتباس الحراري، الناجم عن انبعاثات غازات الدفيئة في الغلاف الجوي، والمسبب الرئيسي هو حرق الوقود الأحفوري.

وفي الوقت الذي فيه كانت الحرائق مشتعلة في الجزائر، صدر في نفس اليوم تقرير التقييم السادس للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ (IPCC). ويعتقد بعض الباحثين أن هذا هو آخر تقرير للهيئة والذي يمكن أن يحدث فرقًا في الحد من آثار تغير المناخ إذا تم أخذه على محمل الجد من قبل الحكومات مع ضرورة العمل على تنفيذه في سياساتهم بأسرع وقت ممكن، مما يضع ضغطًا كبيرًا على نتائج مؤتمر الأطراف 26، الذي سيعقد في نوفمبر/ تشرين الثاني في غلاسكو.

وأعرض اليكم هنا أهم النتائج الرئيسية التي جاءت في التقرير السادس للفريق الحكومي الدولي المعني بتغير المناخ والتي يمكن اختصارها في شقين:

  • التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة، وخفض الانبعاثات العالمية بشكل كبير والاعتماد على الوقود الأحفوري

في المناطق التي تواجه موجات الحر الشديد، مثل الشرق الأوسط ، يعد تحويل اعتمادنا على الطاقة المتجددة أمرًا بالغ الأهمية لضمان الوصول إلى المياه والكهرباء للتخفيف من الأزمات التي نشهدها اليوم، مثل أزمة الطاقة في لبنان وأزمة المياه في العراق وسوريا. علماً ان على المستوى العالمي، كلما طالت مدة تقليل الانبعاثات، كلما واجهتنا ظروف مناخية قاسية يصعب تقليل أضرارها. وعلى جميع دول العالم، وخاصة تلك التي تساهم بشكل كبير بإنبعاثات الغازات الدفيئة، إلى تحمل مسؤولية هذه الانبعاثات للمساهمة بالحد من أزمة المناخ العالمية.

  • الحاجة إلى التكيف مع الظروف المناخية القاسية التي يسببها ويؤدي إلى تفاقمها تغير المناخ

حتى اليوم، لم تحضّر الدول التي واجهت ظروفًا مناخية قاسية لها لهذا التكيف. تميل البلدان النامية إلى الافتقار إلى الموارد أو التمويل أو البيانات أو الإرادة السياسية اللازمة للتخفيف من الظروف المناخية القاسية التي أصبحت الآن هي المعيار. الى جانب ذلك فإن منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا تواجه ضغوطًا بيئية مثل ندرة المياه، ونضوب الأراضي، وتلوث الهواء، وسوء إدارة النفايات، وفقدان التنوع البيولوجي، وتناقص الموارد البحرية، وفقدان النظم البيئية الساحلية.

إننا نشهد بالفعل آثار مخاطر تغير المناخ على الأمن الغذائي والمائي في المنطقة، وما ينشأ عن ذلك من صراعات داخلية بين السكان.

مع الاضطرابات الاقتصادية والسياسية الحالية في العديد من دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، نحتاج إلى تذكير أنفسنا بأن بعض البلدان قد لا تتمتع دائمًا برفاهية إعطاء الأولوية لأزمة تغير المناخ. ولكن يجب أيضًا أن نتذكر أن ولسوء الحظ، المجتمعات المحلية المهمشة هي التي ستدفع الثمن الأكبر.

تصدى لظاهرة تغير المناخ!

ان تأثير تغير المناخ بدأ بالظهور أكثر وأكثر…من موجات الحرارة  المتطرفة الى الجفاف والفيضانات التي تمتد على عواصم ومناطق عدة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

انضم إلينا