لا يُشبه هذا العام ما سبقه من دون شك، تحتفل منظمة غرينبيس في شهر سبتمبر/ أيلول بعيدها الخمسين. وقد قطعت المنظمة مسارًا طويلًا مع الأنشطة والتحركات البيئية التي حملت الكثير من المعاني وكان لها وقعًا هائلًا. وذلك، بدءًا من حملتها الأولى التي هدفت إلى وقف تجربة القنبلة النووية في ألاسكا. ولا يُمكننا سوى التوقف عند السياق الثقافي، الظروف والتحركات المُختلفة التي ساهمت في تأسيس غرينبيس عام 1971 في فانكوفر الكندية.

قصصٌ مُلهمة

تتعدد القصص المُلهمة والاستثنائية للنشطاء الذين شكلوا ركائز أساسية في تأسيس غرينبيس. إذ نبدأ مع كل من “دوروثي ستويي” و”ايرفينغ ستووي” اللّذَيْن كانا من المعارضين لتجارب القنابل النووية. وبعد عقدين من الزمن، أصبح الزوجان من مؤسسي غرينبيس. تُقابل هذه القصة، تجربة الكندي “بين متكلفي” الذي خدم في سلاح الجوّ الكندي في الهند. وخلال خدمته في تلك الفترة خالف مع طيّارٍ آخر الأوامر العسكرية. فبدلًا من إلقاء القنابل على القرى الموالية لـ “مهاتما غاندي”، تمّ إلقائها على حقولٍ فارغة. بعد الحرب ، أصبح بن صحفيًا في كندا ، وتزوّج من زميلته الصحافية “دوروثي هاريس”. انتقل الزوجان إلى فانكوفر في عام 1956، وكان لهما دورًا محوريًا في تأسيس غرينبيس.

كما هناك الكانب “بوب هنتر” الذي تزوّج في العام 1962 من “زوي”. ونتيجة العديد من العوامل، تكوّنت قناعة لديه بأنّ التغيير الكبير القادم في العالم سيكون ثورة بيئية من دون شك. وفي هذه الأثناء كان عالم الأحياء الشاب، الدكتور “باري كومونر”، يقوم بجمع الأسنان اللبنية من الأطفال في سانت لويس ويوثق امتصاص السترونتيوم -90، الذي يُعتبر منتجًا ثانويًا مسرطنًا للانفجارات النووية. وقد أصبحت النزعة العسكرية مصدرًا أساسيًا لتلوّث قاتلٍ. وانطلاقًا من هنا، يُمكن القول أنّه بدأت حركتي السلام والبيئة بالاندماج لكي تُبصر النور.

إنطلاق حركة بيئية من فانكوفر الكندية

لقد كُنتُ واحدًا من بين حوالي 50 ألف مقاومٍ ومعارضٍ لحرب فيتنام، الذين توجهوا شمالًا إلى كندا بين عام 1965 و1973. لكن في تلك المرحلة، سرعان ما قابلتُ عددًا من نشطاء السلام مثل “هنتر” و”دوروثي ستووي” و “ايرفينغ ستووي”. وقد استطاع حدثٌ واحدٌ أن يجمع كل هؤلاء الناشطين معًا. في المقابل، انضم الزوجان “جيم بوهلين” و”ماري بوهلين” إلى نادي سييرا في فانكوفر والتقيا بالزوجين “ستووي”، فأصبحوا أصدقاء مُقربين. 

وفي نوفمبر / تشرين الثاني من العام 1969، أعلنت الولايات المتحدة عن رغبتها بتفجير قنبلة نووية اختبارية في جزيرة أمشيتكا في ألاسكا. مع العلم أنّ هذه الجزيرة هي واحدة من أكثر مناطق العالم عرضة للزلازل وهي موطنًا للكثير من الحياة البرية. وقد كتب “بوب هنتر” في تلك المرحلة، عمودًا صحفيًا تطرق فيه إلى مخاطر هذه التجربة النووية، مُتحدثًا عن احتمال حدوث تسونامي قد يغمر غرب كندا. وفي وقتٍ لاحقٍ، التقى “هنتر” في مظاهرة احتجاجية على الحدود الكندية – الأميركية بـ “ايرفينغ ستووي”. واقترح هذا الأخير تشكيل مجموعة من المواطنين المعارضين لهذه التجربة النووية. فنجحوا بتأسيس لجنة “Don’t make the wave” احتجاجًا على تجربة السلاح النووي. وتألفت هذه اللجنة من كل أسماء الناشطين الذين تمّ ذكرهم، إلى جانب مجموعة أخرى من الناشطين احتجاجًا على تجربة السلاح النووي.

وبدأت بعد هذه المرحلة الأمور بالتبلور أكثر، فحدثت الأمور بشكل عفوي وبات لهذه اللجنة خُطّة مُحددة. فبعد أن اقترحت “ماري بوهلين” فكرة الإبحار بقارب إلى ألاسكا لمواجهة القنبلة. نشرت صحيفة فانكوفر صن هذا الخبر في اليوم التالي. وبعدها اجتمعت هذه اللجنة وخرجوا بفكرة الإسم الجديد أي غرينبيس. وعبّر هذا المصطلح (غرينبيس-السلام والأخضر) عن الاندماج بين حركة السلام والبيئة. لكن بعد رفض نادي سييرا فكرة الحملة. عملت هذه اللجنة  المُستحدثة بشكلٍ مُستقلٍ كمنظمة غير ربحية. وبدأ الاستعداد لإطلاق رحلة الإبحار بالقارب الذي سُمي بغرينبيس.

إذن لقد تشكّلت منظمة غرينبيس بشكل عفوي، فانبثقت من التحركات الاجتماعية في الستينيات، الحقوق المدنية، حقوق المرأة، حقوق السكان الأصليين، حقوق العمال، السلمية والوعي البيئي الناشئ.

إنضم إلى الحراك!

من أفراد مهتمين بحماية كوكبنا وتحقيق السلام العالمي والوصول الى التغيير الإيجابي من خلال التحرك الفعلي! معاً لن يستطيع احد ايقافنا. غرينبيس هي منظمة مستقلة تعمل على إحداث التغيير في السلوك والتصرفات، بهدف حماية البيئة والترويج للسلام العالمي.

انضم إلينا