شرم الشيخ، مصر: تعرقل الدول الغنيّة والتي تتحمّل المسؤوليّة الكبرى من نسب الانبعاثات المسببة لتغير المناخ وتمنع من إحداث أي تقدم في ما يتعلق بموضوع إنشاء صندوق تمويل الخسائر والأضرار المناخيّة، خلال مؤتمر الأطراف الـ27. وهذا المطلب المحقّ تلح عليه الدول النامية التي تطالب بالإسراع في انشائه كي تتمكن من مواجهة أزمة المناخ العالميّة، حسب تحليل منظمة غرينبيس، علماً ان كان من المتفق مسبقاً بضرورة إدراج موضوع التمويل ضمن جدول أعمال المؤتمر هذا العام. 

وخلال المحادثات والمفاوضات، تعمل بعض الدول ذات الاقتصاد المتقدم على استخدام تكتيكات التسويف والمماطلة والدفع نحو تأجيل أي قرارات تتعلق بتمويل الخسائر والأضرار إلى العام 2024 أو ما بعد ذلك، كما لم يقدم هذا التكتل الممانع أي طرح لضمان إنشاء صندوق تمويل الخسائر والأضرار أو أي مصادر تمويل جديدة له تحت مظلة اتفاقية الأمم المتحدة الإطاريّة لتغيّر المناخ. 

وتطالب الدول النامية خلال مؤتمر هذا العام بالاتفاق على إنشاء هذا الصندوق تحت مظلة اتفاقية الأمم المتحدة الإطاريّة المعنية بتغيّر المناخ وإيجاد مصادر والتزامات جديدة لتمويل الخسائر والأضرار التي تعاني منها بشكل متزايد في فترات ما بعد وقوع الكوارث المناخية التي تتزايد وتيرتها وحدّتها حول العالم، كما تشدد العديد منها على ضرورة تحقيق ذلك بحلول العام 2024 على أبعد تقدير والاتفاق عليه هذا العام. (2) كما تقترح الدول النامية أن يتم إدارة هذا الصندوق ضمن بنود اتفاقية الأمم المتحدة الإطاريّة لتغيّر المناخ، كما حال “الصندوق الأخضر للمناخ” و”صندوق البيئة العالميّة.”

ويبدو أن الاتحاد الأوروبي قد بدأ الاستماع إلى مطالب الدول النامية، بينما تعرقلها دول أخرى أبرزها الولايات المتحدة ونيوزيلندا والنرويج وأستراليا (التي تأمل باستضافة مؤتمر الأطراف الـ31.)

وأكد الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في كلمته خلال افتتاح المؤتمر، أن الحصول على نتائج ملموسة بشأن الخسائر والأضرار يمثل “اختبارا أساسيا” لالتزام الحكومات بنجاح قمة المناخ.

وقد اجتمع عدد من العلماء في المجالات الطبيعيّة والإنسانيّة، ومن ضمنهم مدير عام معهد بوتسدام لدراسات آثار تغير المناخ البروفيسور يوهان روكستروم – أن جهود التكيّف وحدها ليست كافية لمواجهة الآثار، والتي من الواضح أنها أسوأ مما كان متوقعاً، كما جاء في تقريرهم  الذي صدر خلال المؤتمر.

وقال مدير الحملات في غرينبيس الشرق الأوسط وشمال إفريقيا أحمد الدروبي: “تعاني الدول والمجتمعات التي كان لها أقل قدر من الإسهام في الانبعاثات المسببة لتغير المناخ من الحجم الأكبر من الأضرار، مما يعمّق عامل عدم المساواة والظلم التاريخي الذي شهدته. ما نسمعه من كلام عن المواعيد الأخيرة والتعقيدات تزيد من المماطلة، واستمرار رفض الملوثين تحمل مسؤولياتهم التاريخية. دول الجنوب العالمي بحاجة إلى آلية وصندوق تمويل الخسائر والأضرار فورًا، فالملايين من البشر يجدون نفسهم في صراع للبقاء، وهذا ليس طلب للمعونة أو الصدقة أو العمل الخيري، بل هو طلب للحقوق. حان وقت وضع حد للظلم، هنا، والآن، خلال قمة المناخ الإفريقية.”

 وقالت الشابة الفاعلة في مجال العدالة المناخية والاجتماعية فاطمة الزهراء طريب – المغرب: “مشاهدة مستوى التخبط واختلافات الرأي في موضوع الخسائر والأضرار وتمويلها يخيّب الآمال، حيث تقوم الدول الغنية بعرقلة مسار المفاوضات والتركيز على الأمور التقنيّة التفصيليّة والتعهدات بدلا من النظر إلى الأرواح التي تزهق والثقافات التي تفقد. نحن بحاجة إلى العدالة المناخيّة الآن وتطبيق فوري لآليات التمويل، والبدء بها هنا في إفريقيا، إحدى المناطق التي عانت كثيرا من تاريخ مليء بالاستعمار، قد يمثّل خطوة أولى لتحمّل الدول الغنيّة مسؤوليّة هذا الإرث وما نتج عنه من خسائر وأضرار، ماديا ومعنويا.”

وقال رئيس الاستراتيجيّة السياسة الدولية في شبكة العمل المناخي العالمية، هارجيت سنغ: “إن تصرفات الدول الغنيّة السطحيّة وغير الجدية حول موضوع التمويل خلال مؤتمر شرم الشيخ غير مقبولة بتاتا، ولا يمكنهم تأجيل واجبهم للمساعدة في إعادة إعمار المجتمعات التي تواجه الكوارث المناخية المتتالية. علينا أخذ الأزمة على محمل الجد والتأكد من إقرار آلية قابلة للتنفيذ حول تمويل الخسائر والأضرار بحلول العام 2023. لا يمكنهم تجاهل مطالب تكتل الدول النامية الذي يمثّل أكثر من 6 مليارات إنسان حول العالم.”

وقال وزير الماليّة لجزر توفالو في المحيط الهادئ، سيفي بأينيو: “موطني يغرق، مستقبلنا يغرق، توفالو تغرق. من دون العمل المناخي الجاد، وتحديداً الاتفاق على إنشاء آلية وصندوق للخسائر والأضرار تحت مظلة اتفاقية الأمم المتحدة الإطاريّة لتغيّر المناخ، قد يكون هذا آخر جيل يترعرع في توفالو. زملائي المفاوضين، إن مماطلتكم تقتل شعبي وثقافته، لكنها لن تقتل أملنا.”

وقال ممثل المؤتمر الشبابي للمحيط الهادئ من فيجي، أولائياسي تويكور: “موضوع الخسائر والأضرار بالنسبة لنا ليس فقط عبارة عن بعض المحادثات والمناظرات التي تجري مرّة في السنة، بل إنها خسائر وأضرار تعاني منها أرواحنا وأرزاقنا واراضينا وثقافتنا، ونريد من أستراليا أن تكون جزءاً من عائلة المحيط الهادئ بالمعنى الحقيقي، ونود فعلا مشاركتها في استضافة مؤتمر الأمم المتحدة للأطراف الـ31 ولكن ذلك يحتاج التزام ومساندة جيراننا بالمطالب التي ندعو إليها منذ 30 عامًا: على أستراليا دعم إنشاء صندوق تمويل الخسائر والأضرار الآن، خلال مؤتمر الأطراف هذا.”

وقالت الشابة الفاعلة في العمل المناخي، رقيّة احمد- كينيا: “أنا فعلا غاضبة، فمجتمعنا يعاني مباشرة من آثار تغير المناخ بينما تدور القيادات المجتمعة اليوم من الدول الغنية في حلقة مفرغة حول موضوع الخسائر والأضرار، ونحن مجتمع رعوي يعاني الفقر الشديد جراء آثار تغير المناخ. الأطفال يموتون جراء سوء التغذية، المدارس تغلق جراء الفيضانات، المواشي تنفق جراء موجات الحر والجفاف، ومجتمعي يشهد الاقتتال بسبب قلّة الموارد: هذه حقيقة الخسائر والأضرار، والشمال العالمي هو المسؤول. على قيادات الشمال العالمي التوقف عن عرقلة تمويل الخسائر والأضرار فورا.”

وقالت العضو في الكونجرس البرازيلي من الـ 2023 الى الـ 2026 وقيادية من المجتمعات الأصليّة، سونيا جياجاجارا: “من السهل الحديث عن التكيّف والتأقلم دون توقف حين لا تكون تحت التهديد المباشر بخسارة أرضك وموطنك، ومن المستحيل تحقيق العدالة المناخية دون العدالة الاجتماعية للجميع، وذلك يعني مستقبل عادل وآمن ونظيف، والحق في العيش على أرضك. علينا التأكد من وضع حقوق الشعوب الأصلية في محور أي حديث وأي قرار له علاقة بالتمويل المناخي، لا التطرق إليها شكليّا بعد انتهاء المحادثات، هذا ما مازلنا نطالب به منذ زمن طويل – وقد حان الوقت للاستماع إلينا.”

وكان قد بدأ كبير المبعوثين لمؤتمر الأمم المتحدة للأطراف الـ19 الذي عقد في بولندا في العام 2013، السيد سانو الفلبيني، الصيام عن الطعام للمطالبة بالاتفاق على آلية الخسائر والأضرار.