عراقي يسير فوق أرض متشققة بفعل الجفاف في أهوار الجبايش بالقرب من مدينة الناصرية جنوب العراق في 25 حزيران/يونيو 2015. © أ ف ب

يبدو أن موجات الحر والفيضانات وظواهر مناخية متطرفة أخرى تحصل مراراً وتكراراً وتزداد حدّةً. لكن كم منها يعود إلى تغيّر المناخ؟

ما هو الطقس المتطرّف؟

الطقس المتطرّف هو أي طقس استثنائي من حيث القسوة والتكرار أو الفجائية مقارنةً بالطقس المحليّ. في عصر التغيّر المناخيّ، يستتبع الطقس المتطرّف المزيد من موجات الحر والجفاف والأمطار الغزيرة والعواصف وحتى طقس بارد غير مألوف البتّة.

غالباً ما تكون تأثيرات الطقس المتطرف فتّاكة. فدرجات الحرارة الأكثر ارتفاعاً تتسبب بالمزيد من العواصف العاتية والمدمّرة. وتتسبب زيادة الأمطار بفيضانات. وتندلع حرائق الغابات وتنتشر بسهولة أكبر في موجات الحر. ويمكن لارتفاع مستويات البحار أن تزيد هبوب العواصف سوءاً، مما يتسبب بتأكّل السواحل بسرعةٍ أكبر.

تسببت الأمطار الغزيرة بفيضانات كارثية في درنة، شمال شرق ليبيا، في 11 أيلول/سبتمبر 2023. © أ ف ب/غيتي

كيف يؤثّر الاحتباس الحراريّ في أنماط الطقس؟

يعني التغيّر المناخيّ تغييرات طويلة المدى تطرأ على أنماط الطقس العامة وتحصل على مدى عدة عقود. (لذا كان من الصعب ربط أي ظاهرة مناخية متطرّفة بالتغيّر المناخيّ).

يجد العلماء الآن أن تغييرات هامة في أنماط الطقس تحصل ربما على مدى فترات زمنية أقصر بكثير، بسبب ارتفاعات في متوسط درجات الحرارة العالمية العائدة إلى ازدياد انبعاثات غازات الاحتباس الحراري.

هذا ما يجعل الطقس المتطرّف أكثر احتمالاً وقسوةً.

كيف يتسبب تغيّر المناخ بالطقس المتطرف؟

يتسبب الاحتباس الحراريّ بموجات حر وفيضانات وحرائق غابات من خلال ارتفاع في درجات الحرارة بشكلٍ عام.

فيما ترتفع درجات الحرارة، تتساقط أمطار أكثر غزارةً متسببةً بفيضانات. ويعود هذا جزئياً إلى قدرة الهواء الدافئ على حمل المزيد من الرطوبة- مما يعني تساقط أمطار أكثر غزارةً. وتعاني بعض الأماكن، بما فيها الشرق الأوسط، من فترات جفاف طويلة تعقبها فيضانات جارفة– لأن التربة الجافة لا تستطيع استيعاب الأمطار الغزيرة.

تزداد العواصف قوةً أيضاً. لأن درجات حرارة سطح البحر الأكثر دفءاً تزيد سرعات الريح.

حتى الطقس البارد للغاية مرتبط بالتغيّر المناخيّ.

ما الفرق بين الطقس والمناخ؟
الطقس
الطقس هو ما نعيشه يومياً: شمس ومطر وريح أو ثلج. وقد لا يمكن التنبؤ به وثمة تغييرات محلية كثيرة.
 
المناخ
المناخ كناية عن متوسط حالة الطقس في منطقة محددة على مدى فترة طويلة – تمتد عادةً على 30 سنة أو أكثر.

 كيف يصبح الطقس في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أكثر تطرّفاً؟

 تعاني الأنظمة البيئية والسكّان وسبل العيش في الجزائر ومصر ولبنان والمغرب وتونس والإمارات العربية المتّحدة من وَقع التغيّر المناخيّ السريع، إستناداً إلى تقرير صادر عن مختبرات أبحاث غرينبيس التي تتخذ مقرّاً لها في جامعة (إكزيتر) في المملكة المتّحدة. وهو بعنوان: “على شفير الهاوية: تداعيات تغيّر المناخ على ستة بلدان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا“.

يعرض التقرير تفاصيل عن ارتفاع درجات حرارة منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بضعفيّ سرعة المعدّل العالمي، وعن تعرّضها بشكلٍ خاص لتأثيرات تغيّر المناخ ومفاعيله – بما فيها شحّ المياه الحاد.

يحذّر تقرير جديد نشره المنتدى الاقتصادي العالمي من أن التغيّر المناخيّ يهدّد سبل عيش أكثر من نصف مليار نسمة في المنطقة. كذلك، فإن التقرير الذي يحمل عنوان: ردم هوة العمل المناخيّ: تسريع إزالة الكربون وتحوّل الطاقة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا يلقي الضوء على تعرّض المنطقة للصدمات كتساقط الأمطار غير المنتظم وشحّ المياه والتصحّر وانخفاض مستويات المياه الجوفية وفترات الجفاف الطويلة.

بحلول العام 2050، يمكن أن تشهد المنطقة ارتفاعاً في درجات الحرارة، ليس في حدود تتراوح بين درجة ونصف الدرجة ودرجتين مئويتين، بل بنحو أربع درجات مئوية. وقد يترافق ذلك مع تصحّر واسع النطاق وشحّ مياه على مستوى المنطقة وتلف محاصيل وظواهر جوية متطرفة كموجات الحر والفيضانات المفاجئة. ومن شأن هذه التغييرات البيئية أن تزيد هوة التفاوتات الاجتماعية-الاقتصادية وتؤدي إلى تداعيات إنسانية مأساوية، لا سيما في أجزاء من المنطقة تعاني من الحرب والهشاشة.

دقّت ساعة العدالة المناخية

تتأثّر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكلٍ خاص بالتأثيرات القاسية لتغيّر المناخ بكل الطرق الممكنة. يومياً، يتم التعامل مع الأطفال والنساء ومجتمعات السكان الأصليين والممتلكات والمحاصيل والنظم البيئية كأرقام فقط وقصص لضحايا تغيّر المناخ. هؤلاء هم إخوتنا وأخواتنا وبيوتنا وسبل عيشنا وأمننا وثقافتنا.

انضم إلينا