تصوّروا بلداً صناعياً متطوّراً يتمتع بإقتصاد متشعّب واحتياجات كبرى للطاقة، يتزوّد بها بالكامل من موارد متجدّدة حصرياً. وعلى الأخص من طاقة الرياح!

WIND- FINAL

هذه ليست رؤية للمستقبل من وحي الخيال، بل واقع سبق تحقيقه. ففي فترة وجيزة في تموز/يوليو، تمّ توليد 140% من الطلب على الكهرباء في الدنمارك من مزارع الرياح. أنتجت البلاد كميّة كبرى من الطاقة إلى حدّ أنها باعت الفائض إلى ألمانيا والنروج والسويد.
حسناً، كان نهاراً عاصفاً أكثر من المعتاد. لكنّه دليل على القدرة الكامنة في طاقة الرياح التي تعتبر من الموارد الأكثر نموّاً للطاقة المتجدّدة. وتقدّر منظمة غريبنبيس/ السلام الأخضر أن الرياح قادرة على توفير 19% من الاحتياجات العالمية من الطاقة مع حلول 2030 شرط ان تتخذ الحكومات القرارات الصائبة وتقلّص استخدامها لموارد الطاقة الأحفورية.
بدأت مزارع الرياح تتكاثر عبر العالم، من الولايات المتحدة إلى أوروبا فالصين، فيما ارتفع عدد توربينات الرياح العاملة إلى أربعة أضعاف في السنوات الثماني الأخيرة. وأفادت اللجنة الوطنية الصينية للتنمية والإصلاح أن طاقة الرياح كفيلة بتوفير 20% من احتياجات البلاد الهائلة للطاقة مع 2020. كما تشكّل طاقة الرياح عنصراً أساسياً في مشروع قانون الطاقة النظيفة الذي بلوره الرئيس الأميركي باراك أوباما، فيما تسجّل دول اوروبية فائضاً في الطاقة المولّدة من الرياح.
يترافق هذا الإنتشار مع تدنّ كبير للتكاليف، فقد انخفضت كلفة توليد الكهرباء من الرياح إلى أكثر من النصف في السنوات الخمس الأخيرة. وباتت حتى دون أيّ دعم رسمي، بديلاً أقلّ كلفة من الفحم والنفط، اللذين ما زالا يستفيدان من الدعم بمبالغ طائلة حول العالم.
بالتالي مع تطوّر التكنولوجيا وتراجع التكاليف تضاعفت الطلبيات وبدأ صانعو التوربينات الهوائية يحققون أرباحاً قياسيّة. ويمكن لكلّ منطقة في العالم الاستفادة من موارد الرياح. فالولايات المتحدة وحدها تتمتع بقدرة رياح توازي ثلاثة أضعاف حاجتها من الطاقة.

هذا يشمل الرياح السطحية وحدها. أما الرياح على ارتفاعات كبرى فأقوى بكثير ولديها قدرة كامنة أهمّ لتوليد الكهرباء، بالاضافة إلى أنها ثابتة.
يجري حاليّاً تطوير حوالى 50 مشروعاً تجاريّاً لإستثمار الرياح المرتفعة تشمل تجارب بالمناطيد، او المظلات أو المراوح المحلِّقة وغيرها. وتبدو الإمكانات هائلة جدا، بالنظر الى تصريح أستاذ محاضر في جامعة ستانفورد أن “الرياح المرتفعة تختزن كمية ضخمة من الطاقة قادرة على تغذية الحضارة مائة مرة”.
كلّ المطلوب هو توفير الإرادة السياسية والرؤية التكنولوجية لتحقيق ثورة رياح.