تجمّع محصول الأسماك في بقعٍ في البحار والمحيطات يُعرَف بالمصايد، وهي تؤمّن معيشة عدد كبير من سكّان المناطق الساحلية. لكنّها اليوم تواجه عدّة مخاطر تهدّد حياة الكائنات الحيّة في البحار ومن يعتمدون عليها. فتتمثّل إثنين من أبرز هذه المخاطر في تغيّر المناخ من ناحية وشباك الصّيد الشّبحيّة النّاتجة عن الصيد الجائر من ناحية أخرى. 

البلاستيك مقبرة هلاك التنوع البيولوجي في المحيط

 يُعَدّ تلوّث المحيطات مشكلة متنامية وشائعة عالميًّا. وهذا ينطبق بشكلٍ خاص على تزايد نسبة وحجم المواد البلاستيكيّة في المحيطات والبحار. ففي كلّ عام، ينتهي المطاف بوجود 12 مليون طن من البلاستيك في المحيطات – ما يعادل تفريغ شاحنة نفايات في المحيط كلّ دقيقة. يمكن لهذا الكمّ الهائل من البلاستيك في المحيطات أن يقيّد الحيوانات، يشتبك فيها، يخنقها أو حتّى أن يقتلها. مع ذلك، هناك نوع معيّن من التّلوّث البلاستيكي يكون مميتًا لأنّه مصمّم ويهدف خصّيصًا إلى اصطياد الكائنات البحريّة وقتلها. نعرّف عن هذا النّوع بمعدات الصّيد المفقودة، أو المهجورة، أو المُهمَلة وتُسمّى بمصطلح “المعدات الشّبحيّة.”

على مدى العقود القليلة الماضية، وفي جميع أنحاء العالم، إستخدمت صناعة صيد الأسماك البلاستيك بشكلٍ متزايدٍ في الحبال والشّباك والخيوط، بالإضافة إلى معدات الصّيد الأخرى. ما يجعل البلاستيك مثاليًّا وملائمًا لصيد الأسماك هو خفّته ومتانته وقدرته على الطّفو وثمنه المنخفض. وللأسف، هذه الصّفات نفسها تجعل من الشّباك والخيوط الشّبحيّة تهديدًا مميتًا للكائنات البحريّة ومدمرة للمجتمعات التي تعتمد على المحيط الصّحيّ المفعم بتنوعه البيولوجي.

شباك الصّيد الشّبحيّة تطارد محيطاتنا

تُفقَد معدات الصّيد عن طريق الخطأ أو تُترَك في البحر عمدًا. وبمجرّد وصولها إلى البحر، يمكن أن تشكّل الشّباك والخيوط تهديدًا للحياة البريّة لسنواتٍ أو عقود، حيث أنّها تصطاد كلّ شيء بدءًا من الأسماك الصّغيرة والقشريّات وصولًا إلى السّلاحف المهدّدة بالإنقراض والطّيور البحريّة وحتّى الحيتان. تمتدّ هذه المعدات المفقودة والمُهمَلة في جميع أنحاء المحيطات والبحار، ولا تسلم منطقتنا من مخاطرها، فتنشرها تيّارات المدّ والجزر بعيدًا؛ بحيث تشكّل بؤر عائمة تنجرف إحدى أكبرها الآن إلى سواحل القطب الشّمالي، وتغتسل في جزر المحيط الهادىء، وتتشابك في الشّعاب المرجانيّة وتغطّي أعماق البحار.

آثار التّغيّر المناخي على صيد الأسماك

يتسبّب تغيّر المناخ في إحداث إضطرابات ومشاكل تطال عدّة أصعدة حياتيّة بما في ذلك الإنتاج الغذائي والزّراعات البرّيّة وتصل آثار هذا التّغيّر إلى الحياة البحريّة عمومًا والثّروة السّمكيّة خصوصًا.

مع إرتفاع حرارة الجوّ وارتفاع درجة حرارة البحار؛ سيشهد قطاع صيد الأسماك في المستقبل، تغيّرات من المتوقّع أن تكون سلبيّة. فدرجات الحرارة المرتفعة ستترافق مع إنخفاض في مستويات الأكسجين المنحل وزيادة في الحموضة وتغيّرات في الملوحة، الأمر الذي سيؤثّر على عدد الأسماك والموائل وتوزّع أنواعها. وبحسب دراسات واستنتاجات صادرة عن باحثين في جامعة واشنطن، فإنّ الأسماك الموجودة في المناطق الأكثر حرارة في العالم قد تكون الأكثر تضرّرًا مع  إرتفاع درجات الحرارة والسّبب يكمن في أنّ الأسماك في المحيطات الأكثر دفئًا تعيش بالفعل في درجات حرارة أقرب إلى الحدّ الأقصى الذي يمكنها التّأقلم معه.

تعتمد عدّة مجتمعات على قطاع صيد الأسماك كمصدر أساسي لدخلهم المعيشي. وبالتّالي، فإنّ أيّ تغيير قد يطرأ على هذا القطاع سيؤثّر حتمًا على وضعها الإجتماعي والإقتصادي ويؤدّي أيضاً إلى انخفاض في وفرة المنتوج والثروة  السمكية  

المطلوب اليوم هو اعتماد طرق صيد أكثر استدامة وأقلّ تلويثًا للمحيطات، ناهيك عن إحداث وعي وحراك يتصدّى آثار تغيّر المناخ التي تمتدّ لتطال حياة الكثيرين في منطقتنا التي هي من المناطق الأكثر تأثّرًا به. حماية المحيطات واجب علينا، فلنقم به!

دفاعاً عن محيطاتنا

نملك الآن فرصة التغيير، وذلك عبر وضع أجزاء من المحيطات، تلك الأكثر أهمّية وضعفاً منها، خارج نطاق التهديدات المدمّرة.

انضم إلينا