ما نشهده اليوم من موجات برد قارس و حرائق غابات ليس إلا صورة مصغرة عن ظواهر الطقس المتطرّف التي يتسبّب بها التغيّر المناخي. وبحسب الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC)، ستزداد قوة ووتيرة هذه الظواهر مسببة أضراراً غير مسبوقة. ولكن ما هو التغيّر المناخي وما هي أسبابه؟

ما المقصود بالتغيّر المناخي؟

إن تقلبات الطقس وتبدّلات الحرارة أمرٌ طبيعي مع اختلاف الفصول. لكن حين تزداد حدة هذه التغيّرات وتصبح غير اعتيادية وطويلة الأمد تسمى هذه الظاهرة بالتغيّر المناخي.

يؤدي التغير المناخي، بشكلٍ عام، إلى ارتفاع في درجات الحرارة وتغيّرات في نسبة هطول الأمطار وما يتبعها من نتائج كذوبان الجليد القطبي، وارتفاع مستوى سطح البحر، وفترات جفاف و عواصف شديدة القوة. وبدأت هذه التأثيرات بالظهور حول العالم، وأكثر الشعوب عرضةً لها هم سكان الجزر الصغيرة والبلدان النامية ومن بينهم سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.

بالرغم من أن أحد أسباب التغيّر المناخي هي طبيعية كالتغيرات في الدورة الشمسية والنشاط البركاني، إلا أنه، منذ الثورة الصناعية وخاصةً بعد منتصف القرن العشرين، بدأت الأنشطة البشرية تساهم بشكل أساسي في تفاقم هذه الظاهرة من خلال انبعاثات الغازات الدفيئة المؤدية إلى الاحتباس الحراري. أما الأسباب الطبيعية فهي لا تشكل إلا جزءاً صغيراً جداً من مجمل الأسباب، إذ إن سرعة تأثيرها ومفعولها لا يوازيان قوة الاحتباس الحراري الذي نشهده اليوم. 

ما هو الاحتباس الحراري؟

زادت الأنشطة البشرية من حرارة المحيطات والغلاف الجوي والأرض. وكانت سنة 2021 واحدة من أحرّ السنوات المسجلة مع ارتفاع في متوسط ​​درجة الحرارة العالمية، يتخطى الدرجة المئوية من فترة ما قبل الثورة الصناعية. 

إن عمليات حرق الوقود الأحفوري (الفحم والنفط والغاز) هي أكثر الأنشطة البشرية المسببة لتفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري. تؤدي هذه العمليات إلى  انبعاث الغازات الدفيئة، منها ثاني أكسيد الكربون والميثان، التي تعمل على حبس حرارة الشمس وتعكسها نحو الأرض مما يرفع درجات الحرارة. كما أن إزالة الغابات ومطامر النفايات والصناعة والزراعة تقف أيضاً خلف انبعاثات غازات الدفيئة التي وصلت اليوم إلى مستويات غير مسبوقة. حيث فاقت في في عام 2020 مستويات ثاني أكسيد الكربون بنسبة 48% من مستويات ما قبل الثورة الصناعية.

من هنا، لا بد من اتخاذ الإجراءات المناسبة للحد من تفاقم هذه الأزمة والتكيّف مع التأثيرات المستجدة للحفاظ على سلامة الإنسان وباقي المخلوقات على هذا الكوكب. وبما أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي من بين أكثر المناطق عرضة للتغير المناخي، تبرز أهمية مؤتمر المناخ الذي سيعقد في مصر (COP27) لتأمين التمويل اللازم لهذه الدول لتتمكن من التكيف مع التغير المناخي. 

ما هي تأثيرات التغيّر المناخي على منطقتنا؟

تُعتبر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بأكملها نقطة ساخنة لتغيّر المناخ، رغم أنها من بين أقل المساهمين في انبعاثات الكربون العالمية. وبينما تُعدّ من أكثر مناطق العالم شحّاً بالمياه، تتفاقم أزماتها وتشتدّ نتيجة ارتفاع درجات الحرارة بمعدّل 0.4 درجة مئوية لكل عقد منذ الثمانينيات، أي ضعف المعدل العالمي، وذلك وفقاً لتقرير “على شفير الهاوية” الصادر عن مختبرات غرينبيس للبحوث في جامعة إكسيتر. واليوم، مئات الملايين من سكان هذه المنطقة، التي تضمّ أكبر مصدّري النفط والغاز في العالم، يجدون أنفسهم في مواجهةٍ مباشرةٍ مع تداعيات تغيّر المناخ، من ندرة المياه إلى موجات الحرّ القاسية والفيضانات المدمرّة.


هذا الاحترار المُتسارع يعني المزيد من موجات الجفاف، وتقلّص أسرع وأخطر للموارد المائية، وقطاعاً زراعياً يُكافح من أجل البقاء. وبما أنّ دول المنطقة تعتمد بشكلٍ كبيرٍ على الواردات الغذائية، يتحوّل الجفاف إلى تهديدٍ مزدوجٍ، إذ لا يضرب الإنتاج المحلّي فحسب، بل يعرّض الإمدادات العالمية، التي تعتمد عليها شعوب المنطقة، لاضطراباتٍ خطيرة، مما يضع الأمن الغذائي والزراعي على المحكّ، ويهدّد سبل عيش الملايين الذين يعتمدون على خيرات أراضيهم كمصدر رزقٍ أساسي.
ويحذّر التقرير أيضاً من أنّ 80% من المدن المكتظة بالسكان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا قد تواجه موجات حرّ تمتد لما لا يقلّ عن 50% من المواسم الدافئة بحلول نهاية القرن الحالي.


وفي ظل الارتفاع المستمر للانبعاثات في بعض المواقع بالشرق الأوسط ومنطقة الخليج، قد تتجاوز درجات الحرارة القصوى خلال موجات الحرّ الشديدة مستقبلاً حاجز الـ 56 درجة مئوية، ما يشكّل تهديداً خطيراً على المجتمعات والصحة والأنظمة البيئية، ويجعل العيش في بعض المناطق شبه مستحيل.

تصدى لظاهرة تغير المناخ!

ان تأثير تغير المناخ بدأ بالظهور أكثر وأكثر…من موجات الحرارة  المتطرفة الى الجفاف والفيضانات التي تمتد على عواصم ومناطق عدة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا.

انضم إلينا