التوقّعات حول محادثات الأمم المتّحدة بشأن المناخ في إطار انعقاد مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي، تشرين الثاني/نوفمبر-كانون الأوّل/ديسمبر 2023

ينعقد المؤتمر الثامن والعشرون للأطراف في اتّفاقية الأمم المتّحدة الإطارية بشأن تغيُّر المناخ في نهاية عام حارّ شهدَ ارتفاعًا قياسيًا في درجات الحرارة وظواهر جوّية قصوى ناجمة عن المناخ. في هذا العام نفسه، رفعَ علماء المناخ الصوتَ عاليًا حول العالم لتأكيد ضرورة العمل بشكلٍ فوري وحاسم على خفض الانبعاثات للحدّ من ارتفاع درجة الحرارة بحيث لا يتجاوز 1.5 درجة مئوية، ذاكِرين السُبُل التي تسمح بتحقيق هذا الهدف. وفي هذا العام أيضًا، حدّدت الوكالة الدولية للطاقة – انسجامًا مع هدف الـ 1.5 درجة مئوية – مسارًا دقيقًا، لكنَّه ليس بمستحيل، للحدّ من الوقود الأحفوري وتسريع الانتقال نحو مصادر الطاقة المتجدّدة.

اليوم، باتت أسباب تغيُّر المناخ وعواقبه أكثر وضوحًا من أيِّ وقتٍ مضى – والحلول في متناول اليد. الوقود الأحفوري يقتلنا، لكنَّ الطاقة المتجدّدة تَعِد بمستقبلٍ أكثر إشراقًا للجميع. إلّا أنَّ تزايُد الانبعاثات وخطط التوسُّع في إنتاج الوقود الأحفوري يتعارضان تمامًا مع مسار التقدُّم المطلوب، في حين أنَّ الدعم المالي للحدّ من الانبعاثات في البلدان الفقيرة والتمويل لمعالجة التأثيرات المناخية المتفاقمة لا يزالان غير كافيَيْن إطلاقًا.

في هذا السياق، يأتي مؤتمر الأطراف الثامن والعشرون ليُشكِّل اختبارًا مفصليًا لاتّفاق باريس، وسيتمحور حول مواجهة الحقائق، وتصحيح المسار، وتوفير فرصة حقيقية لتنفيذ الحلول.

ماذا ننتظر من مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين؟

  1. مؤتمر الأطراف الثامن والعشرون في دبي هو المكان الذي يجب أن تتّفق فيه البلدان أخيرًا على تحريرنا من الوقود الأحفوري، واللحظة التي يُقرِّرُ فيها قادة العالم وضع حدّ لمشاريع التوسُّع في استخدام الفحم والنفط والغاز، وتسريع التحوُّل نحو الطاقة المتجدّدة، مع التخلُّص التدريجي من الوقود الأحفوري بطريقةٍ عادلة ومُنظَّمة.
  2. يجب أن تنتهي عملية التقييم العالمي في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين مع نتائج من شأنها أن تُطلِق إجراءات تحويلية شاملة للحدّ من ارتفاع درجات الحرارة بحدود 1.5 درجة مئوية، والاستجابة للتأثيرات المناخية المتزايدة.
  3. لا يمكن تحقيق النجاح إلّا من خلال حزمة تمويلية موثوقة تتناسب مع الاحتياجات الفعلية حول العالم، وتتضمّن إطلاق صندوق جديد لتعويض الخسائر والأضرار، وتُقرِّبُنا من محاسبة المسؤولين عن التلوّث ليدفعوا ثمن ما أحدثوه من دمار وضرر.

في الصفحة التالية، نعرض توقّعاتنا بالتفصيل. يمكنكم أيضًا الاطّلاع على الموجز السياساتي الكامل من غرينبيس.

القضاء على الوقود الأحفوري، أو 1.5 درجة مئوية

لتجنُّب أسوأ آثار تغيُّر المناخ والحفاظ على حدود الاحترار بموجب اتّفاق باريس عند 1.5 درجة مئوية، يتوجّب على الحكومات في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين أن تعمل على التخلُّص من الوقود الأحفوري. لقد حانَ الوقت للتوصُّل إلى اتّفاقٍ عالمي يمنع التوسُّع في مشاريع إنتاج النفط والفحم والغاز، والعمل على التخلُّص التدريجي السريع من الوقود الأحفوري بمختلف أنواعه.

النتائج المُنتظَرة من مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين بشأن الوقود الأحفوري:

  • الالتزام بإنهاء أيّ مشاريع جديدة للتوسُّع في استخدام الوقود الأحفوري الآن.
  • الالتزام بالتخلُّص التدريجي السريع والعادل والكامل من الوقود الأحفوري الموجود – مع خارطة طريق، وآليات واضحة للمحاسبة والمساءلة، وتوقُّع تنفيذ هذا الالتزام من خلال خطط وطنية ضمن إطار “المساهمات المحدّدة وطنيًا”.
    • التخلُّص السريع – الوصول إلى أنظمة طاقة خالية من الوقود الأحفوري بحلول عام 2050 على أبعد تقدير، مع إحراز تقدُّم ملموس لناحية الحدّ من إنتاج الوقود الأحفوري واستخدامه بطريقة مُنظَّمة بحلول عام 2030.
    • التخلُّص العادل – تلتزم جميع الأطراف بالعمل على تحقيق هذا الهدف، ولا سيّما المصادر الرئيسية للانبعاثات، وفي طليعتها البلدان الغنيّة المعروفة بمساهمتها التاريخية في التلوّث والتي يتعيّن عليها توفير الدعم المالي بشكل متزايد لتحقيق الانتقال العادل نحو أنظمة الطاقة المتجدّدة في البلدان الفقيرة.
    • التخلُّص الكامل – يجب التخلُّص تدريجيًا من جميع أنواع الوقود الأحفوري، وليس الحدّ منها فقط. ولا يجوز استخدام أيّ وعود بشأن تكنولوجيات التخفيض لإعطاء الضوء الأخضر للتوسُّع في استخدام الوقود الأحفوري أو تأخير التحوُّل نحو مصادر الطاقة المتجدّدة. ولا يجوز أيضًا اللجوء إلى ذريعة حماية/استعادة الغابات وغيرها من النُظُم البيئية الغنيّة بالكربون لتجنُّب التخلُّص التدريجي من الوقود الأحفوري، بل يجب أن تأتي هذه التدابير كخطوات مُكمِّلة.
  • الالتزام بزيادة مصادر الطاقة المتجدّدة بمقدار ثلاثة أضعاف وتعزيز كفاءة استخدام الطاقة بمقدار الضعفَيْن – وهي خطوةٌ ضرورية، لكنَّها ليست كافية إذا لم تترافق مع الالتزام بالتخلُّص التدريجي من الوقود الأحفوري أيضًا.
  • الالتزام بسياسات خالية من الوقود الأحفوري – التقدُّم نحو إصلاحات بعيدة المدى للتصدّي لتأثير قطاع الوقود الأحفوري على السياسات المناخية العالمية والوطنية.

نهجٌ تحويلي لتصحيح المسار، أو الاستمرار في الانزلاق نحو الهوّة

يتزامن مؤتمر الأطراف الثامن والعشرون مع انتهاء أوّل عملية تقييم عالمي – وهو الاختبار الواقعي لاتّفاق باريس بشأن الاستجابة العالمية لأزمة المناخ ونقطة انطلاق مُوجَّهة نحو تحقيق طموحات أكبر. فنجاح عملية التقييم العالمي سيُحدِّد في النهاية نجاح مؤتمر الأطراف.

النتائج السياسية الفعّالة بشأن التقييم العالمي:

  • معايير واضحة للجولة الحالية والمقبلة من الالتزامات الوطنية بشأن الإجراءات المتوافقة مع حدّ الاحترار العالمي بمقدار 1.5 درجة مئوية بموجب اتّفاق باريس، مع الالتزام بما يلي:
    • رفع سقف أهداف عام 2030 بشكل عاجل وملحوظ من أجل خفض الانبعاثات العالمية بنسبة لا تقلّ عن 43% بحلول عام 2030، بما يتماشى مع المتطلّبات التي حدّدتها الهيئة الحكومية الدولية المعنيّة بتغيُّر المناخ لإبقاء الاحترار عند 1.5 درجة مئوية.
    • وضع أهداف جديدة للانبعاثات على مستوى الاقتصاد ككلّ بحلول عام 2025 بهدف خفض الانبعاثات بنسبة 60% على الأقلّ بحلول عام 2035 ــ على أن تكون البلدان الغنيّة في طليعة هذه المساعي.
  • الاتّفاق على الإجراءات التحويلية في القطاعات التي لديها أعلى الإمكانات لخفض الانبعاثات، مع الالتزام أوّلاً بما يلي:
    • التخلُّص التدريجي العادل والسريع والكامل والمُموَّل من جميع أنواع الوقود الأحفوري، والامتناع عن أيّ توسُّع جديد.
    • زيادة مصادر الطاقة المتجدّدة بمقدار ثلاثة أضعاف، وتعزيز كفاءة استخدام الطاقة بمقدار الضعفَيْن، وخفض استخدام الوقود الأحفوري بشكلٍ ملحوظ بحلول عام 2030.
    • تنفيذ هذه الالتزامات من خلال دفعة جديدة ومحدّثة من الالتزامات المحدّدة وطنيًا.
  • الالتزام بــزيادة التمويل بشكل ملحوظ للحدّ من الخسائر والأضرار ودعم تدابير التكيُّف والتخفيف من الآثار.

التمويل، عنصرٌ حاسم

التمويل هو ركيزة التعاون العالمي بشأن تغيُّر المناخ، وهو حجر الأساس في الصفقة الكبرى التي يستند إليها اتّفاق باريس. لذلك، فإنَّ إنشاء صندوق الخسائر والأضرار الجديد في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين هو أولوية قصوى كي يبدأ تدفُّق التمويل لدعم المجتمعات المتضرّرة.

النتائج الفعّالة في مجال التمويل:

  • تفعيل صندوق جديد للخسائر والأضرار في مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين لتلبية احتياجات الفئات الأكثر تضرُّرًا من أزمة المناخ، مع الاتّفاق على توفير الموارد للصندوق من قِبل كبار الملوّثين من البلدان الغنيّة، والالتزام بتخصيص الأموال في المستقبل القريب.
  • رزمة تمويلية جديدة، والتزامٌ من جانب البلدان الغنيّة بتوسيع نطاق الدعم الدولي لتمويل جهود التخفيف من الآثار والتكيُّف والحدّ من الخسائر والأضرار.
  • تحقيق التزامات البلدان الغنيّة بقيمة 100 مليار دولار أمريكي سنويًا بطريقة عادلة وفعّالة، وإثبات التزامها بالمضيّ في المسار الصحيح نحو زيادة التمويل المخصّص لتدابير التكيُّف بمقدار الضعفَيْن على الأقلّ بحلول عام 2025.
  • المضي في مفاوضات الأهداف الكمّية المشتركة الجديدة التي تُمهِّد الطريق لهدف طموح جديد لتمويل إجراءات المناخ لما بعد عام 2025 (يتمّ الاتّفاق عليه في العام المقبل)، وإحراز تقدُّم في المفاوضات حول المادّة 2-1ج.

يجب أن يدفع كبار الملوّثين الثمن، حتّى لا تبقى الأولوية للأرباح على حساب الناس وكوكب الأرض

يجب أن ينتهي عصر الوقود الأحفوري، وبينما يتمّ التخلُّص تدريجيًا من النفط والفحم والغاز، يجب أن يدفع قطاع الوقود الأحفوري ثمن ما سبّبته منتجاته من دمارٍ وأضرار. لا يوجد نقص في الأموال، بل في الإجراءات الحكومية الرامية إلى تحميل المسؤولية لقطاع الوقود الأحفوري وغيره من كبار الملوّثين: يجب أن يُشكِّل مؤتمر الأطراف الثامن والعشرون نقطةَ تحوُّلٍ في هذا الصدد.

ما المطلوب لتحقيق نتائج فعّالة لناحية تغريم كبار الملوّثين؟

  • التأكيد على مبدأ “تغريم كبار الملوّثين” في القرارات الصادرة عن مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين.
  • الالتزام بتطوير مصادر جديدة للتمويل العام على أساس مبدأ “تغريم كبار الملوّثين” – الضرائب والرسوم – لدعم العمل الدولي بشأن المناخ. ويشمل ذلك ما يلي:
    • الاتّفاق على أنَّ البلدان الغنيّة ينبغي أن تتولّى زمام المبادرة في فرض هذه الضرائب والرسوم على المستوى الوطني ومن خلال التعاون المتعدّد الأطراف نظرًا لالتزاماتها الطويلة الأمد (وغير المُنفَّذة) بتوفير الدعم الدولي، وتوجيه المزيد من الإيرادات من آليات تغريم كبار الملوّثين الحالية إلى التمويل الدولي للعمل المناخي.
    • الاتّفاق على مصادر جديدة للتمويل بناءً على مبدأ “تغريم كبار الملوّثين” كـمصدر لتمويل صندوق الخسائر والأضرار الجديد.
    • الاتّفاق على أن تتضمّن مفاوضات العام المقبل بشأن هدف التمويل الجديد لما بعد عام 2025 (استكمالاً لمبلغ 100 مليار دولار) تفويضًا بمناقشة مصادر جديدة للتمويل العام على أساس مبدأ “تغريم كبار الملوّثين”.

كيف نُحقِّق هذه الأهداف؟

يجب أن يؤدّي مؤتمر الأطراف الثامن والعشرون إلى إبرام اتّفاق يقضي بالتخلُّص التدريجي العادل والمنصف من جميع أنواع الوقود الأحفوري – النفط والغاز والفحم. ويجب أن تتحرّك جميع الحكومات الآن للتخلُّص من الوقود الأحفوري تدريجيًا والبدء في استخدام مصادر الطاقة المتجدّدة وتعزيز كفاءة الطاقة، وتحديدًا الدول الرئيسية المُسبِّبة للانبعاثات حول العالم – في طليعتها البلدان الغنيّة المعروفة بمساهمتها التاريخية في التلوّث. ويتعيّن على البلدان الغنيّة أن تُكثِّف جهودها في مجال التمويل، بما في ذلك تحقيق الوعد الذي قطعته بتوفير 100 مليار دولار والالتزام بتقديم الدعم المتزايد لإجراءات التخفيف من الآثار والتكيُّف والحدّ من الخسائر والأضرار، بسُبُل منها مبدأ “تغريم كبار الملوّثين”.

للاتّصال: غابي فلوريس، [email protected]؛ المكتب الصحفي لمنظّمة غرينبيس الدولية، +31 (0) 20 718 2470 (متاح على مدار الساعة)، [email protected]