كل شهر نطلب من متابعينا في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن يخبرونا كيف يلتمسون آثار تغيّر المناخ. بطبيعة الحال، لا يمكن أن تُعزى كل هذه الأمثلة إلى تغيّر المناخ وحده، لكن التصوّرات والتجارب والوقائع المختلفة للناس في منطقتنا تساعدنا على اكتساب معرفة عامة لكل الأنماط المتعدّدة والمتشابهة التي يرون من خلالها تغيّر المناخ، والتي تؤثّر على حياتهم ومحيطهم.

نخطّط لنشر هذه المدوّنة شهرياً – إذا كنت ترغب في مشاركة تجربتك الخاصة، أخبرنا هنا.

بين الخامس والعشرين من أيار/مايو الماضي والخامس من حزيران/يونيو الجاري، قاسى الجزائريون تداعيات الفيضانات والسيول الكارثية التي جرفت العديد من المنازل والمساكن المتهالكة، وخلّفت أضراراً كبيرة في البنى التحتية. بين التاريخين، شهدت مدن وسط وشرق البلاد أكثر من حدث جوي متطرّف، رفع عدد الضحايا إلى 9 وفيات، في آخر إحصاءٍ رسمي. لكن ما تم إغفاله إعلامياً، هو أن فيضانات الجزائر كانت ناجمة عن أمطار موسمية غزيرة، هطلت بعد جفاف دام لأكثر من شهرين، وأن الكارثة هي إحدى أبرز تجلّيات الظواهر المناخية المتطرّفة التي يؤجّجها تغيّر المناخ في منطقتنا.

فيضانات الطارف: سكان حيّ الكروم الأكثر تضرّراً

تقع ولاية الطارف في الشمال الشرقي للجزائر، وهي إحدى الولايات الأولى التي هطلت فيها أمطار موسمية غزيرة وشهدت فيضاناتٍ عارمة. وفي بلدية الطارف (المدينة) التي تحمل اسم الولاية نفسه، يقول نور العلا حمودي في شهادته لغرينبيس: “مساء الكارثة، غمرت المياه بلدتي ولم يتم إغاثتنا من قبل أي هيئة حكومية، لا تلك التابعة للولاية، أو للبلدية أو حتى للدائرة. تقع بلدتي في منطقة جبلية، أي في الرّيف، وقد غمرت المياه الطريق بأكمله. في مساء ذاك اليوم، كنت مسافراً، وخرجت من المنزل حافي القدمين، لأنني لا أمتلك حذاءً مخصّصاً للأمطار (يقصد جزمة شتوية). تدفّقت المياه وبلغ ارتفاعها نصف متر تقريباً، لتتجاوز مستوى الركبة. وفي حيّ مجاور، على بعد 700 متر من منزلي، غمرت المياه منازل السكان، وقد تمّت عملية الإجلاء بمساعدة من فِرق الحماية المدنية”.

في الإطار نفسه، يتحدّث عبد القادر صواب عمّا قاساه سكان حيّ الكروم، الذي يقع في بلدية الطارف، قائلاً: “تسبّبت الفيضانات بخسائر مادية جسيمة بحيث تضرّرت المساكن السفلى في الأبنية، ممّا اضطر رجال الحماية المدنية لإجلاء المتضرّرين بواسطة القوارب”.

الفيضانات تجرف الجثامين من القبور في مدينة بو إسماعيل

حسب تقارير عدة، كانت مدن ولاية تيبازة الساحلية الأكثر تضرراً من جراء السيول، بينها مدينة القليعة التي تقع إلى الغرب من الجزائر العاصمة. ووفق شهادة بسمة، التي فضّلت عدم الإفصاح عن هويتها بالكامل، فقد سبقت الكارثة موجة جفاف قاسية حاصرت مدينة بو إسماعيل “لمدة شهرين متواصلين، ترافقها درجات الحرارة المرتفعة. وبمجرّد هطول الأمطار الغزيرة لنحو 17 ساعة متتالية، انجرفت التربة، ومعها انجرفت المباني والبُنى التحتية. وقد أدى ذلك إلى “كارثة بكلّ المقاييس”، كما تقول.

“الطرقات تصدّعت، المباني انهارت وبعض البيوت مُحيت من الوجود”. وتشرح بسمة أن “ما زاد الأمور سوءاً، كان انجراف بعض القبور، إذ أخرجت السيول بعض الجثامين من أماكنها”.

وبالعودة إلى مدينة القليعة، يقول محمد بوكروشة في شهادته، إن ليلة الكارثة بدت “وكأنها يوم القيامة. المنازل هُدمت، والأشجار اقتلعت من مكانها، والأسلاك الكهربائية تضرّرت. حتى جثامين الأموات، خرجت من القبور جراء الفيضانات…”.

في غضون لحظاتٍ قليلة، “انقلب كل شيء”. بهذه الكلمات المقتضبة يختصر وليد الزواوي اللحظات المرعبة التي عاشها أهل تيبازة. وفي شهادة أخرى، يروي قويته حياة لغرينبيس ما قاساه مع عائلته في بلدية خميستي، التي تقع في دائرة بو إسماعيل، ويقول: “وقعت الكارثة وكنا في المنزل، والدتي وأنا، وكان الشتاء ينهمر بغزارة، حيث أننا لم نستطع الخروج. وعندما أصبح الوضع أكثر خطورة، طلبت من أمي الخروج، لكن الوقت كان قد فاتنا. فالطرقات غمرتها المياه وسُدّت المخارج منها وإليها، والأمطار أغرقت منزلنا. عندها، صعدت إلى سطح المبنى لطلب النّجدة. وبالفعل، أنقذنا أقاربنا وخرجنا بسلام”.أما الطالب محمد أنور الواد، فينقل لغرينبيس ما حلّ بلوازمه المدرسية، قائلاً: “كارثة والله. اقترب موعد امتحانات شهادة البكالوريا، وكل أدواتي المدرسية فسدت (تضرّرت). أنا في ورطة”.

هل واجهت آثار تغيّر المناخ؟

لأن التغير المناخي يعدّ من أخطر التهديدات التي تواجه الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكجزء من مشروعنا التوعوي لمواجهة آثاره والتكيّف معها، نريد أن نسمع منك، ومن المواطنين في جميع أنحاء المنطقة الذين يشهدون على التغيرات من حولهم، تلك التي تسبَّبَ بها الاحترار العالمي.

انضم إلينا