نطلب كل شهر من داعمينا في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن يخبرونا كيف يلتمسون آثار تغيّر المناخ. بطبيعة الحال، لا يمكن أن تُعزى كل هذه الأمثلة إلى تغيّر المناخ وحده، لكن التصوّرات والتجارب والوقائع المختلفة للناس في منطقتنا تساعدنا على اكتساب فهمٍ أفضل لكل الأشكال المتعدّدة التي يرون من خلالها تغيّر المناخ، الذي يؤثّر على حياتهم ومحيطهم.

نخطّط لنشر هذه المدوّنة شهرياً – إذا كنت ترغب في مشاركة تجربتك الخاصة، أخبرنا هنا.

تغيّر المناخ يفرض أسوأ موجات الجفاف في الأردن

في المبدأ، وبالمقارنة مع دول عربية عدة تشهد التداعيات القاسية لتغيّر المناخ لا يمكن القول إن الأردن يشكّل استثناءً. بعد الاطّلاع على شهادات أردنيّين كُثر من الذين راسلونا، يتبيّن أن أغلب ملاحظاتهم كانت مرتبطة بطبيعة الأرض التي ضربها الجفاف وتبدّلت خصائصها على امتداد 20 عاماً فقط.

ويقول صالح نزهان الخريشة: “قبل عشرين عاماً، كانت الأراضي في الأردن تُزرع وتُنتج القمح والشعير، لكنها اليوم أصبحت عاجزة. فطبيعة التربة تغيّرت بعدما ضرب الجفاف المنطقة. مربّو المواشي كانوا يعتمدون على رعي المواشي، أما الآن فقد اختفت المراعي وقلة مصادر المياه التي لم تعد تكفي احتياجات المواطنين في الأردن. ولذلك، لم يعد هناك من يمتهن تربية المواشي، كما تخلى كثيرون عن زراعة الأرض. المملكة أصبحت تعتمد على استيراد الحبوب التي ارتفعت أسعارها كثيراً”.

من جهة أخرى، يرى جمان الحديد أن آثار التغيّر المناخي في الأردن يمكن التماسها من  خلال “طول موسم الصيف الذي يصاحبه ارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة، وتأخّر موسم الشتاء الذي أصبح يشهد تراجعاً ملحوظاً في نسبة التساقطات المطرية”.

أشجار الزيتون والتأثيرات المناخية في الجزائر

صيف 2022 لم يمر على الجزائر بلا تداعيات وخيمة. فقد تسبّبت حرائق الغابات التي اجتاحت شمال شرق البلاد قرب الحدود مع تونس بوفاة ما لا يقل عن 38 ضحيّة، وفي إتلاف نحو 1800 هكتار من الأحراش و 800 هكتار من الثروة الغابية في ولايات الطارف وسطيف وسوق أهراس وجيجل وسكيكدة وتيبازة.

في السياق نفسه، يعدّد المزارع الجزائري، مُراد صدّيقي، الآثار الخطيرة الأخرى لموجات الحرّ القاسية التي ضربت البلاد هذا العام، ويقول: “آثار تغيّر المناخ يمكن ملاحظتها بالتأكيد. لقد أثّرت موجات الحرّ المتتالية على عدد من أشجار الفاكهة، مثل أشجار التين التي صارت ثمارها تتساقط قبل نضوجها. حتى أوراق أشجار الزيتون تقلّص حجمها كثيراً وباتت ضعيفة للغاية، ممّا أثّر بدوره على إنتاج الزيتون”. ولا يخفي مُراد مخاوفه من أن يطال الجفاف ثمرة الصبار بسبب قلة المتساقطات، مع العلم أن التين الشوكي (الصبار) يستطيع النمو في البيئات الجافة ولا يحتاج إلى كثيرٍ من المياه، لكنه يشير إلى أن “انعدام الأمطار خلال موسم الشتاء المنصرم، اضطرني إلى ريّ الكثير من المزروعات الشتوية في شهري كانون الأول وشباط”.

من جانب آخر، يخبرنا جزائري – فضّل عدم الكشف عن هويته – عن تجربته في استقبال الخريف، قائلاً: “اليوم هو السابع من سبتمبر في الأوراس شمال الصحراء الجزائرية. درجات الحرارة ليست شديدة، لكن التقلبات اليومية في الطقس تأتي مصحوبة إما بهواء بارد أو بعواصف رملية”. وباقتضابٍ مشابه، يلفت فاروق شلالي بدوره إلى قوة الرياح المحمّلة بالغبار “التي كانت تتزامن في الماضي مع موسم الربيع، وباتت اليوم أكثر تكراراً في بدايات الخريف”.

بين اليمن والعراق تقلّبات مناخية مشتركة

لم تعد الحرب في اليمن التحدي الوحيد الذي يعصف بأبناء هذا البلد الذي يعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم، وفق توصيف الأمم المتحدة. إذ يشكّل تغير المناخ تحدياً مضاعفاً خصوصاً على القطاع الزراعي، الذي يعدُّ مصدر الغذاء الأساسي في البلاد.

هذا العام، وبعد نحو 6 أشهر متواصلة من الجفاف، يقول سمير علي إن كافة أنحاء البلاد شهدت “فيضانات وسيول جارفة بعد هطول أمطار غزيرة”، تسبّبت بآثار مدمرة في الأرواح وسبل المعيشة. ووفق شهادة سمير، فقد لَحظَ المزارعون “انخفاضاً كبيراً في الإنتاج الزراعي بسبب التقلبات المناخية وهطول الأمطار”.

من اليمن إلى شمال العراق قرب الحدود التركية، يعود بنا مهفان محمد حسين إلى الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي ليصفَ لنا تعاقب الفصول، قائلاً: “حينذاك، كان هطول المطر يبدأ في شهر أيلول، وابتداءً من شهري نوفمبر وديسمبر تقفل الثلوج كل الطرق في بلدة بامرني التي كنت أسكنها. أما الآن، فتساقط الثلوج بات حدثاً نادراً، لدرجة أننا نتمنى في أحيانٍ كثيرة أن تمطر ولو قليلاً”.

من جانبٍ آخر، تتحدث آلاء ماجد نور في شهادتها عن موجات الحرّ التي شهدها جنوب العراق هذا الصيف حتى مطلع سبتمبر الماضي، مشيرةً إلى “ارتفاع درجة الحرارة إلى حدود 50 درجة مئوية”، فضلاً عن اختفاء كبير لـ”المساحات الخضراء في كافة أنحاء البلاد خلال العقد الأخير على وجه الخصوص”.

هل واجهت آثار تغيّر المناخ؟

لأن التغير المناخي يعدّ من أخطر التهديدات التي تواجه الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكجزء من مشروعنا التوعوي لمواجهة آثاره والتكيّف معها، نريد أن نسمع منك، ومن المواطنين في جميع أنحاء المنطقة الذين يشهدون على التغيرات من حولهم، تلك التي تسبَّبَ بها الاحترار العالمي.

انضم إلينا