صورة تُظهر تداعيات الجفاف على شجر الجوافة في لبنان من جراء إصابتها ببكتيريا أغروباكتريوم (المصدر: غير مذكور)

كل شهر نطلب من متابعينا في جميع أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا أن يخبرونا كيف يلتمسون آثار تغيّر المناخ. بطبيعة الحال، لا يمكن أن تُعزى كل هذه الأمثلة إلى تغيّر المناخ وحده، لكن التصوّرات والتجارب والوقائع المختلفة للناس في منطقتنا تساعدنا على اكتساب معرفة عامة لكل الأنماط المتعدّدة والمتشابه التي يرون من خلالها تغيّر المناخ، والتي تؤثّر على حياتهم ومحيطهم. فمع بداية فصل الشتاء كان واضحاً أن فصل الشتاء هذا جاء قليل الأمطار وجاف.

نخطّط لنشر هذه المدوّنة شهرياً – إذا كنت ترغب في مشاركة تجربتك الخاصة، أخبرنا هنا.

شتاء مصر أقرب إلى الخريف

“نحن الآن في الرابع من شهر كانون الأول/ديسمبر. في العادة، يكون الطقس في الإسكندرية شديد البرودة تصاحبه أمطار خفيفة، ولكن الطقس يبدو كما لو أنّنا لا نزال في شهر أيلول/سبتمبر”. بهذه الكلمات القليلة تختصر سارة محفوظ شهادتها حول الاضطرابات المناخية في مصر الناجمة عن أزمة المناخ. وهي اضطرابات يتحدّث عنها أيضاً ابن مدينة كفر الشيخ محمود رمزي عثمان، قائلاً:كنّا فيما مضى نلتمس النّسمات الخريفية الباردة والانخفاض في درجات الحرارة بين أواخر شهر آب/أغسطس وبدايات أيلول/سبتمبر. أمّا في السنوات الأخيرة، بدأنا نلاحظ ارتفاعاً شديداً للغاية في درجات الحرارة في أغلب أيام وأشهر السّنة”. 

وفي هذا الإطار، يضيف عثمان موضّحاً: “نحن الآن في شهر ديسمبر، ومن المفترض أن يكون الطقس بارداً يتخلّله هطول شبه متواصل للأمطار. خلافاً لهذا المشهد، لا يزال الطقس دافئاً ولا يشبه ما كنّا نألفه خلال فصل الشتاء في العقود السابقة، أي خلال حقبتي الثمانينيات وأوائل التّسعينيات على سبيل المثال”. 

إلى سواحل مدينة مرسى مطروح المصرية ينتقل بنا عادل زكي، راصداً “تكاثر بعض الحشرات التي انتشرت بكثرة بسبب الدفء غير المتوقع بفعل اشتداد درجات الحرارة وموجات الحرّ الطويلة والقاسية، مثل حشرة البق”. أما المتغيّر الوحيد الذي رصدته شيماء عبد العليم ابراهيم في مصر فيتجلّى في “قلّة التساقطات والجفاف الملحوظَين مع حلول شهر أيلول/سبتمبر وحتى منتصف كانون الأول/ديسمبر”.

بين لبنان والأردن قواسم مشتركة: قلّة الأمطار وتغيّرات في أصناف المحاصيل

تقودنا شهادة المزارع خالد السباعي إلى محافظة إربد في الأردن، وتحديداً إلى بلدة كفر الماء، مسقط رأسه، حيث “كان المزارعون يزرعون صنفاً من الطماطم ضمن المحاصيل الصيفية يُعرف محلّياً بـ”بندورة ارحابا”. وهذا الصّنف يمتاز بحبّات كبيرة الحجم من الطماطم ذات طعم لذيذ للغاية”. وبحسب رواية السباعي، “كان كل من يتناول من حبّات الطماطم تلك يشبّهها بقطع اللحمة الهبرة (يُقصد بها الطريّة). كنّا نزرع هذا الصنف في حقولٍ بعليّة (تعتمد على الطبيعة) بالاعتماد على كميّات المياه التي تخزّنها التربة في باطنها من هطول الأمطار في فصل الشتاء”. 

أمّا في الوقت الحالي، وبعد سنوات من الارتفاع والانخفاض في درجات الحرارة وانخفاض نِسب توافر المياه وهطول الأمطار المتوقّعة نتيجة التغيّرات المناخية، باتت بلدة كفر الماء “تفتقر إلى هذا النوع من المحاصيل، إذ إن الحقول لم تعد قادرة على إنتاجها بسبب ضعف الموسم المطري وارتفاع درجات الحرارة صيفاً”. ويختم السباعي شهادته بملاحظة دقيقة أخرى يلتمسها المزارعون في منطقة الشفا غورية الشمالية، في لواء الكورة، وتتجلّى في “انعدام ظاهرة تشكّل الندى التي كنا نشهدها في فصل الصيف وتغذّي النباتات الصيفية”، كما يقول.

يمكن القول إن قلة التساقطات المطرية هو القاسم المشترك الأبرز بين لبنان والأردن؛ والحال أن تغيّر المناخ زاد من اضطرابات الطقس شتاءً في لبنان، بحيث تختفي المتساقطات في الأشهر التي اعتاد فيها السكان هطول الأمطار، في حين أنها تنهمر دفعة واحدة وبغزارة غير معهودة في مدة زمنية قصيرة، من دون أن تكون البنى التحتية في لبنان مهيّأة لاستيعاب ومواجهة هذا التغيّر الذي يؤدي إلى فيضاناتٍ مدمّرة. 

وهذا ما يؤكّد عليه هاني ملازم في شهادته التي يشير من خلالها إلى “قلة الأمطار في الفترة الممتدّة بين شهري تشرين الأول/أكتوبر وأيار/مايو تقريباً”، فضلاً عن “موجات الصقيع المفاجِئة في شهري كانون ثاني/يناير وشباط/فبراير التي لم نشهدها من قبل، والتي يتخلّلها عواصف ثلجية على المرتفعات أكثر حدّة وتطرّفاً”.

هل واجهت آثار تغيّر المناخ؟

لأن التغير المناخي يعدّ من أخطر التهديدات التي تواجه الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وكجزء من مشروعنا التوعوي لمواجهة آثاره والتكيّف معها، نريد أن نسمع منك، ومن المواطنين في جميع أنحاء المنطقة الذين يشهدون على التغيرات من حولهم، تلك التي تسبَّبَ بها الاحترار العالمي.

انضم إلينا