يرسو خزان صافر العائم الفائق الضخامة، وهو وحدة عائمة لتخزين وتفريغ النفط، قبالة الساحل اليمني في البحر الأحمر، ولم يخضع للمعاينة أو الصيانة منذ العام 2015. 

تسببت الحرب في اليمن بأسوأ كارثة إنسانية في العالم وشلّت عمليًا أنشطة الدولة اليومية، وجعلت من الصيانة الآمنة لخزّان صافر العائم مهمة مستحيلة بالنسبة للجهة المالكة للخزان، أي شركة صافر لعمليات الاستكشاف والإنتاج. وعُلّقت عمليات الإنتاج والتصدير المتعلقة بخزّان صافر العائم كافة، ولكن تُقدَّر كمية النفط الخام الذي ما زال على متن الخزان بنحو 150,000 طن متري (1.1 مليون برميل تقريبًا). 

قد يفاقم تصدّع الهيكل الأحادي للسفينة أو انفجاره الأزمة الإنسانية في اليمن ويتسبّب بكارثة إنسانية وبيئية وبتسرُّب نفطي أضخم بأربعة أضعاف من ذلك الذي تسبّبت به ناقلة “إكسون فالديز” في ألاسكا في العام 1989. وقد يزيد ذلك الأزمة الإنسانية سوءًا بعد ويمنع الوصول إلى ميناء الحديدة وميناء الصليف الرئيسييْن والحيوييْن للمساعدات والإمدادات الغذائية، وقد يحمّل البلد بالتالي عبئًا إضافيًا بعد أن دمرته ست سنوات من النزاع.

وبناء على ذلك أطلقت غرينبيس دراسة جديدة عملت عليها الوحدة العلمية في المنظمة. وفيه أشارت ان مع انعدام وجود حلّ سريع، قد يُسفر عن آثار مدمّرة وينبغي على البلدان أن تكون مستعدة. ومن الضروري نشر حاجز عائم لاحتواء النفط حول سفينة “صافر” كخطوة أولى لمنع اتسّاع البقعة النفطية في حال حدوث تسرّب. لكن، لا يقدّم الحاجز العائم حلًا لمنع الآثار الإنسانية والبيئة المحتملة في المدى القريب والبعيد في المنطقة، وهي آثار لا يمكن تخفيفها إلا بإزالة النفط من متن السفينة.

لماذا تُعتبر المسألة مهمّة اليوم؟

تزداد يومًا بعد يوم صعوبة إزالة النفط بشكل آمن بسبب الأعطال في المعدّات. حاليًا، قد تُثقَب الناقلة – لا بل قد تنفجر – في أي لحظة، ما سيتسبّب بتسرّب النفط الذي تحمله في عرض البحر – ولهذا السبب وُصف خزّان صافر العائم بـ”القنبلة الموقوتة”.

قد يؤدي التسرُّب النفطي في البحر الأحمر إلى كارثة بيئية من شأنها القضاء على سُبُل عيش المجتمعات الساحلية الفقيرة في اليمن التي تعتمد على صيد الأسماك، كما أنها قد تضرّ بالصحة وتدمّر الشعاب المرجانية المجاورة وتتسبّب بانسداد محطات تحلية المياه التي توفّر مياه الشفة إلى ملايين الأشخاص في المنطقة وتفاقم تداعيات النزاع اليمني.

كذلك، ستطال التأثيرات البيئية الكارثية الحيوانات والشعاب المرجانية ومروج النجيل البحري في البحر الأحمر، الذي يُعد موقعًا بارزًا للتنوع البيولوجي.


الكارثة محتّمة الوقوع، وأثرها سيكون مدمِّرًا على الناس والكوكب

© “أ ف ب” عبر “غيتي إميدجز”

صحة الناس في خطر

وُصِفَ الوضع في اليمن بأنه أسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ يحتاج أكثر من 24 مليون شخص – أي ما يعادل 80 في المئة من عدد السكان تقريبًا – إلى المساعدات الإنسانية. وسيمنع التسرُّب النفطي، إذا حصل، الوصول إلى ميناء الحديدة وميناء الصليف الضروريَّيْن لوصول المساعدات والأغذية والمحروقات.

قد يتسبب التسرُّب النفطي في تعطيل حوالى 5,094 من آبار المياه التي توفر المياه النظيفة لـ9.0-9.9 مليون شخص من أجل الاستخدام اليومي. وقد يؤثر أيضًا في إمدادات الغذاء لـ5.7-8.4 مليون شخص وفي 93-100٪ من مصائد الأسماك اليمنية في البحر الأحمر. بالإضافة إلى ذلك، قد يلوث النفط محطات تحلية المياه الممتدة على طول الساحل إلى شمال  خزان صافر، ويعطل بالتالي إمدادات المياه النظيفة للمنطقة ككل.

© خالد زياد / “أ ف ب” عبر “غيتي إميدجز”

الاقتصاد المحلي المتعثر

قد تتضرر سُبُل عيش ما يصل إلى 670,000 شخص من جرّاء التسرُّب وعمليات التنظيف اللاحقة، من خلال الأضرار اللاحقة بمصائد الأسماك والموارد البحرية والصناعات الساحلية وإغلاق المصانع والموانئ. 

كذلك، فإنّ حجم الآثار الاقتصادية المحتملة التي ستخلفها الكارثة على المجتمعات المحلية هائل.

© أكسيل هايمكن / غريسنبيس

حيوانات البحر الأحمر المهددة

يُعد البحر الأحمر أحد أبرز مواقع التنوّع البيولوجي في العالم ويضمّ أنواعًا متوطّنة وموائل حسّاسة مثل مروج النجيل البحري وأشجار المانغروف والشعاب المرجانية، وهو معرّض للخطر بشكل خاصّ.

يُضاف إلى ذلك أنّ البحر الأحمر شبه مغلق، ما يجعل استخراج النفط عملية معقّدة ومكلفة وتستغرق وقتًا طويلًا، وخصوصًا في ظلّ النزاع الدائر في اليمن.

الإجراءات الواجب اتّخاذها

تعمل منظمة “غرينبيس”حاليًا مع منظمات في اليمن والمنطقة لإيجاد حلّ وتقديم الدعم لإزالة النفط ومنع هذه الكارثة البيئية والإنسانية الكبرى التي قد تقع في أي وقت، إلى جانب استعدادها للاستجابة في حالة حدوث تسرّب نفطي ضخم.
نظرًا إلى السياق السياسي والنزاع الدائر في اليمن، من الضروري أن تتّخذ الأمم المتّحدة والمجتمع الدولي إجراءات لتفادي هذه الكارثة البيئية والإنسانية وإعطاء الأولوية لإيجاد حلّ سريع لقنبلة خزّان صافر العائم الموقوتة في المفاوضات.

اعتمادنا على الوقود الأحفوري يُعرِّض ملايين الأشخاص للخطر ويجب تغيير هذا الواقع الآن

يقع على عاتق الحكومات وقطاع النفط واجبٌ أخلاقيّ يُحتّم عليها اتّخاذ إجراءات طموحة والتوقّف عن تعريض مجتمعات بأكملها للخطر، علمًا أنها شديدة الضعف وتتحمّل أدنى قدر من المسؤولية لمواجهة العواقب الكارثية الناجمة عن اعتمادنا على الوقود الأحفوري المُدمِّر للمناخ.