صناعة جديدة مثيرة للجدل تهدد محيطاتنا التي تخفي أعماقها عالمًا حيًا فريدًا وهي: التعدين في أعماق البحار.
التعدين هو عملية التنقيب عن المعادن واستخراجها من أعماق البحار ومنطقة المحيط التي لا تقل عن 200م عمقًا، بما في ذلك المخارج الحرارية المائية والجبال البحرية وقاع البحر نفسه.

إن إرسال آلات تعدين ضخمة مصممة لتجريف قاع البحر واستخراج المعادن فكرة سيئة للغاية وتضع كوكبنا في خطر كبير للأسباب التالية:

1- خطر على الحياة البحرية

نجد في أعماق البحار جبالًا تحت الماء تمثل واحات للكائنات البحرية والشعاب المرجانية القديمة وأسماك القرش التي يمكن أن تعيش لمئات السنين وهي من بين الكائنات الحية الأطول عمرًا على وجه الأرض – ما يجعلها عرضة بشكل خاص للإضطرابات الجسدية نتيجة معدلات نموها البطيئة. ويقدر الباحثون أن يستمر الضرر الذي يلحق بالحياة البحرية من جراء التعدين إلى الأبد، وفق المعايير الزمنية البشرية.

إن الآلات التي تقطع قاع البحر ستخلق أعمدة من الرواسب وبإمكانها خنق موائل أعماق البحار لعدة كيلومترات. كما يمكن للسفن الموجودة على سطح البحر في عملية التعدين إطلاق أبخرة سامة في الماء، مما يلحق الضرر بعدة أنواع محيطات لمئات أو حتى لآلاف الكيلومترات.

ولا يقتصر الأمر على تلوث الحياة البحرية فحسب، بل أن الضوضاء التي تولدها الآلات المتماوجة تلحق الضرر وتزعج الثدييات البحرية، كالحيتان مثلًا. في حين أن مناطق الإضاءة الكاشفة في أعماق المحيطات المظلمة يمكن أن تسبب اضطرابًا دائمًا للكائنات البحرية التي تتكيف مع مستويات منخفضة جدًا من الضوء الطبيعي.

2- إنقراض كائنات غير موجودة في مكان آخر على الكوكب

تمتلئ البحار العميقة بالمخلوقات الغريبة والرائعة. في أحد المواقع المستهدفة للتعدين، نسبة 85٪ من الحيوانات البرية التي تعيش حول الفتحات الحرارية المائية لا توجد في أي مكان آخر في المحيطات (مثل ديدان الزومبي وشقائق النعمان الشفافة).

إن آلات التعدين التي تطحن وتدمر الموائل المصممة خصيصًا للكائنات للعيش فيها تعني أنها لن تتمكن من التعافي أبدًا، مما يهدد بانقراض هذه الأنواع الفريدة.

3- إزعاج أفضل مساهم ضد تغير المناخ

تعتبر أعماق البحار مخزنًا مهمًا للغاية للكربون الأزرق – وهو الكربون الذي تمتصه الحياة البحرية بشكل طبيعي والذي يظل مخزنًا في رواسب أعماق البحار لآلاف السنين بعد موت هذه المخلوقات، مما يساعد على إبطاء تغير المناخ. فإن التعدين في أعماق البحار يمكن أن يجعل تغير المناخ أسوأ حالًا. وقد يؤدي الإضطراب الناجم عن الآلات إلى إطلاق الكربون المخزن في رواسب أعماق البحار، ويمكن أن تؤدي التأثيرات الأوسع إلى تعطيل العمليات التي تخزن الكربون في تلك الرواسب.

4- التأثير على السلسلة الغذائية للمحيطات

بوسع هذا الإضطراب الواسع النطاق للحياة البحرية أن يؤثر على السلسلة الغذائية للمحيطات بأكملها. وقد أشار تحقيق أجرته منظمة غرينبيس Greenpeace إلى أنه تم تداول ثمة وثيقة في اجتماع أصحاب المصلحة في مجال التعدين في أعماق البحار تقر بالإنقراض المحتمل للأنواع الفريدة التي تشكل الدرجة الأولى من السلسلة الغذائية.

5- هل نريد فعلًا تدمير العجائب التي لم نكتشفها ونفهمها بشكل صحيح؟

حتى الآن، استكشفنا 0.0001٪ فقط من قاع البحر العميق لمعرفة ما يعيش هناك. بانتظارنا الكثير بعد لنتعلمه عن الحياة البرية والنظم البيئية في أعماق المحيطات. وبدون الحماية المناسبة لأعماق البحار، يمكننا تدمير هذه الأنواع والنظم التي لم يتم اكتشافها بعد. 

لا معادن تستحق تدمير أي نظام بيئي من أجل استخراجها. وفي خضم الأزمات الطبيعية والمناخية التي نواجهها، ينبغي علينا عدم السماح بإحداث أي ضرر إضافي جديد. 

أعماق البحار هي أكبر نظام بيئي على وجه الأرض، لنحميها ونتعلم منها!

دفاعاً عن محيطاتنا

نملك الآن فرصة التغيير، وذلك عبر وضع أجزاء من المحيطات، تلك الأكثر أهمّية وضعفاً منها، خارج نطاق التهديدات المدمّرة.

انضم إلينا