على الرغم مما تمّ التوصل إليه، أو حتى ما لم يتمّ تبنّيه في الاتفاق النهائي لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي، فإن العمل المناخي الهادف سيبقى أكثر إلحاحاً من أيّ وقت مضى.

ما الذي تمّ إقراره؟

شهد مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين (COP28) في مدينة دبي استجابة العديد من قادة العالم للمطالب المتزايدة باستمرار لإنهاء استخدام النفط والفحم والغاز، من خلال الدعوة إلى إنهاء عصر الوقود الأحفوري إلى الأبد، ودعم الانتقال إلى مصادر الطاقة المتجددة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، لتنقلنا نحو مستقبلٍ مُنصف وعادل. وقد ضم المجتمع المدني أصواته إلى هذه المطالب الداعية للعمل المناخي في مؤتمر الأطراف الحالي، الذي سبق وأن أعلن التزامه بتوفير مساحة شاملة وآمنة لجميع المشاركين خلال هذا الحدث.

على الرغم مما تمّ التوصل إليه، أو حتى ما لم يتمّ تبنّيه في الاتفاق النهائي لمؤتمر الأطراف الثامن والعشرين في دبي، فإن العمل المناخي الهادف سيبقى أكثر إلحاحاً من أيّ وقت مضى.

بداية مفعمة بالأمل

خلال رئاسة مؤتمر الأطراف الذي تقوده دولة الإمارات العربية المتحدة، دخل المؤتمر التاريخ منذ يومه الأول، لحظة تفعيل صندوق الخسائر والأضرار، حيث تعّهدت الدول بتقديم أكثر من 700 مليون دولار لصندوق التمويل الجديد، وهي مساهمات سيكون لها أثر كبير على حياة المجتمعات المُستضعفة والمتضرّرة من الكوارث المناخية. والآن، سننتظر لنرى ما إذا كانت الدول الأكثر ثراءً والمسؤولة عن أزمة المناخ ستأخذ مسؤولياتها على محمل الجد وتوفر الموارد اللازمة للصندوق.

بداية النهاية لعصر الوقود الأحفوري

مؤتمر الأطراف الحالي كان الأضخم على الإطلاق، إذ تمّ تسجيل حضور أكثر من 100 ألف شخص على امتداد أسبوعين من مفاوضات المناخ. على الرغم من الآمال بانتهائها بشكلٍ مبكر، جرى تمديد المفاوضات النهائية هذا العام أيضاً حتى وقت متأخر من الليل، لينتهي الحدث بعد يوم واحد من الموعد المقرّر. الاندفاع نحو خط النهاية اختُتم باعترافٍ نهائي بالحاجة إلى الانتقال بعيداً عن الوقود الأحفوري. لكن المجتمعات التي تقف في الخطوط الأمامية المواجِهة لأزمة المناخ تحتاج إلى أكثر من ذلك. يجب أن تلتمس هذه المجتمعات التزاماً ثابتاً وحازماً بالتخلص التدريجي السريع والمنصف والمموّل بشكلٍ جيد من جميع أنواع الوقود الأحفوري ــ على أن تترافق مع حزمة تمويل شاملة للدول النامية لكي تتمكن من التحول إلى مصادر الطاقة المتجددة والتعامل مع التأثيرات المناخية المتصاعدة.

ما التالي بالنسبة للعمل المناخي؟

على الرغم من المفاوضات المُكثّفة التي شهدنا عليها في دبي، سيبقى العمل المناخي أكثر إلحاحاً من أيّ وقتٍ مضى. 

لا يمكن أن تتحقق العدالة المناخية إلّا عندما نقطع الطريق أمام المُسبب الرئيسي لأزمة المناخ التي تمّ فرضها علينا. ولن تتحقق العدالة المناخية إلا عبر تأمين دعمٍ وتمويلٍ جديدٍ إضافي للمجتمعات الضعيفة المتواجدة على الخطوط الأمامية لأزمة المناخ. ولا يجب أيضاً أن يُخصص هذا التمويل فقط للخسائر والأضرار، بل عليهم توسيع نطاقه ليشمل أيضاً دعم تدابير التكيُّف والتخفيف من الآثار.

ماذا عن الخطوة التالية لمؤتمر الأطراف؟

نُغادر اليوم دبي، ونحن على يقينٍ أنّ الأمل لا يزال حياً فينا، وأنّ مهمتنا لم تنتهِ بعد. في العام المقبل، تستعد أذربيجان لاستضافة قمة الأمم المتحدة لتغير المناخ (COP29) – وهي عبارة عن دولة أخرى منتجة للوقود الأحفوري، ويعتمد اقتصادها على النفط والغاز بما يقرب من نصف ناتجها المحلي الإجمالي، وأكثر من 92.5% من عائدات صادراتها.

دقّت ساعة العدالة المناخية

تتأثّر منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بشكلٍ خاص بالتأثيرات القاسية لتغيّر المناخ بكل الطرق الممكنة. يومياً، يتم التعامل مع الأطفال والنساء ومجتمعات السكان الأصليين والممتلكات والمحاصيل والنظم البيئية كأرقام فقط وقصص لضحايا تغيّر المناخ. هؤلاء هم إخوتنا وأخواتنا وبيوتنا وسبل عيشنا وأمننا وثقافتنا.

انضم إلينا