يُعدّ إحراق الوقود الأحفوري - مثل الفحم والنفط والغاز - لتوليد الطاقة وتشغيل وسائل النّقل السبب الرئيسي وراء التغيّر المناخي.
إنتاج الوقود الأحفوري في منطقتنا في العقد الماضي جعل منها واحدة من المناطق ذات أعلى نسبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للفرد.
إنّ حرق الوقود الأحفوري لتوليد الطاقة وتشغيل وسائل النقل والصناعة يُطلق كميّاتٍ كبيرةٍ من غازات الدفيئة التي تُسبّب ظاهرة الاحتباس الحراري. كما تُفاقِم أنشطة مثل الزراعة وإزالة الغابات والصيد الجائر هذه الأزمة. لا شكّ أن التغيّر المناخي يُعدّ نتيجة مباشرة للأنشطة البشرية، وهذا يعني أننا نمتلك أيضًا القُدرة على وضع حدٍّ له من خلال الحلول المتوافرة.

يُعدّ إحراق الوقود الأحفوري – مثل الفحم والنفط والغاز – لتوليد الطاقة وتشغيل وسائل النّقل السبب الرئيسي وراء التغيّر المناخي. بالإضافة إلى ذلك، تُسهم أنشطة بشرية أخرى، كإزالة الغابات والزراعة، في إطلاق ملوّثات تحبس الحرارة داخل الغلاف الجوي، والمعروفة بغازات الدفيئة، مما يؤدّي إلى ارتفاع حرارة الكوكب وزعزعة استقرار المناخ بشكلٍ خطير.

اليوم، تشهد حرارة الأرض ارتفاعاً غير مسبوقٍ في تاريخ البشرية، وتنعكس آثار ذلك في ظواهر الطقس المتطرّف، مثل الأمطار الغزيرة وفترات الجفاف، بالإضافة إلى التحوّلات طويلة الأمد في أنماط الطقس وذوبان الجليد وارتفاع مستويات البحر. ويُخلّف التغيّر المناخي تأثيراتٍ هائلةٍ على البشر والبيئة في جميع أنحاء العالم.

لذلك، من الضروري الحدّ من الأنشطة البشرية التي تُطلق غازات الدفيئة بشكلٍ عاجل وبأقصى درجة ممكنة، لضمان مناخٍ مستقرٍّ وعالمٍ آمنٍ للجميع.

 من أين تأتي غازات الدفيئة؟

تأتي غازات الدفيئة العديد من الأنشطة البشرية التي تُعدّ مدمّرة للمناخ، وأغلبها يرتبط بتوليد الطاقة التي تُعتبر ضرورية لاستمرار تشغيل عالمنا المعاصر.

·       توليد الطاقة- لا يزال الجزء الأكبر من الكهرباء والتدفئة المنزلية يُنتَج عبر إحراق الوقود الأحفوري مثل الغاز. تاريخياً، كانت مساهمة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في انبعاثات غازات الاحتباس الحراري ضئيلة، لكن المنطقة حاليا تساهم بنحو 30% من إنتاج النفط العالمي، و18% من إنتاج الغاز الطبيعي. وبما أن قطاع الطاقة يساهم بأكثر من 70% من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون في العالم، فإن إنتاج الوقود الأحفوري في المنطقة في العقد الماضي جعل منها واحدة من المناطق ذات أعلى نسبة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون للفرد، وفق تقرير صادر عن معهد حوكمة الموارد الطبيعية.

·       وسائل النقل- تُساهم السيارات والحافلات والقطارات والشاحنات والسفن والطائرات (ما لم تكن كهربائية وتعتمد على الطاقة المتجدّدة) في إطلاق انبعاثاتٍ ناتجة عن احتراق الوقود الأحفوري. ومن المتوقّع أن يستمرّ الطيران والشحن الدوليان في التسبّب بانبعاثاتٍ ضخمةٍ، حتّى يتراجع الطلب عليهما أو تتوفّر بدائل أخرى للوقود الأحفوري.

·       إنتاج  الغذاء- ينبعث غاز الميثان من المواشي التي يتم تربيتها لإنتاج اللحوم والألبان، بينما تُطلَق غازات أخرى كأكسيد النتروز (أكسيد النيتروجين الثنائي) من التُربات الزراعية نتيجة استخدام الأسمدة. ومع تزايد الإنتاج الغذائي، ارتفاع الاعتماد على الأسمدة وزيادة أعداد المواشي، فضلاً عن الحاجة المتزايدة إلى المزيد من المحاصيل لإطعامها، من المتوقّع أن تشهد الانبعاثات زيادةً ملحوظة وملموسة.

·       إزالة الغابات- تُخزّن الأشجار الكربون خلال نموّها، وعند قطعها أو إحراقها، يُطلق هذا الكربون في الجوّ. يقوم المزارعون بقطع الأشجار أو إحراقها لإنتاج الصويا لتغذية الحيوانات، كما هو الحال في منطقة الأمازون. وفي مناطق أخرى من العالم، يتم إزالة الغابات الطبيعية للحصول على الأخشاب، أو بسبب عمليات التعدين أو صناعات زيت النخيل.

·       تشغيل الصناعة- منذ انطلاق الثورة الصناعية في القرن الثامن عشر في المملكة المتحدة، استمرّ الإنسان في حرق الوقود الأحفوري مثل الفحم والنفط والغاز لتشغيل الصناعات الضخمة. وتأتي الانبعاثات الصناعية بشكلٍ رئيسي من إنتاج الأسمنت، الحديد، الفولاذ، الإلكترونيات، المواد البلاستيكية والملابس. وفي الوقت الراهن، تعتمد جميع البلدان بشكلٍ كبيرٍ على الوقود الأحفوري لبناء اقتصاداتها والحفاظ عليها.

·       المواد البلاستيكية والنفايات- تُصنَع المواد البلاستيكية من الوقود الأحفوري، وتُطلِق كمياتٍ كبيرةٍ من الانبعاثات خلال عملية إنتاجها. على مستوى العالم، يُخصَّص نحو 40% من هذه المواد لأغراض التّعبئة. ونظراً لأنّ نسبة ضئيلة فقط منها يُعاد تدويرها، بالإضافة إلى صعوبة معالجة هذه الكميات الهائلة، فإنّ التخلّص من النفايات البلاستيكية يتسبّب في انبعاثات إضافية عند حرقها أو إلقائها في مكبّات النفايات، فتشكّل هذه المواد تهديداً مناخيّاً أكبر بكثير مما يُعتقد.

ما هي غازات الدفيئة وكيف تُسبّب التغيّر المناخي؟

تتضمّن غازات الدفيئة ثاني أكسيد الكربون (CO2)، الميثان (CH4)، وأكسيد النتروز (N2O)، وهي غازات تحبس الحرارة في الغلاف الجوي، مما يؤدّي إلى ارتفاع متوسّط درجة الحرارة العالمية. هذه الغازات موجودة بشكلٍ طبيعي في الغلاف الجوي، لكنّ الأنشطة البشرية قد زادت تركيزها بشكلٍ كبيرٍ، مما ساهم في احتجاز المزيد من الحرارة والتسبب في تغيّر المناخ

  • ثاني أكسيد الكربون: ناتج عن حرق الوقود الأحفوري وإزالة الغابات. 
  • الميثان: يأتي من الغاز الطبيعي وذوبان الجليد والفيضانات.
  • أكسيد النتروز: يتسرّب من استخدام الأسمدة في الزراعة.

نقاط التحوّل التي قد تجعل التغيّر المناخي لا رجعة فيه

حذّر الفريق الحكومي الدولي المعني بالتغيّر المناخي من كارثة محتمَلة إذا تجاوزت درجات الحرارة العالمية الحدّ الآمن البالغ درجتين مئويتين، وهو المعدّل الذي حدّدته اتفاقية باريس للمناخ. وبينما يُجمع العلماء على إمكانية وقف احترار الغلاف الجوّي في حال تمّ تقليص الانبعاثات أو الحدّ منها، فإنّ “نقاط التحوّل” من شأنها أن تُعقّد هذه العملية بشكلٍ كبير.

تحدث نقاط التحوّل المناخيّة عندما تتجمّع التغييرات الصغيرة تدريجيًا لتصل إلى نقطة حرجة تُفضي إلى تغييرات أكبر وأكثر تأثيرًا في مناخنا وكوكبنا. مع العلم أنّ هذه التغييرات قد تكون نهائيّة.

إليك أبرز نقاط التحوّل التي يحذّر العلماء منها:

·   انهيار الصفائح الجليدية القطبية في غرينلاند والقطب الجنوبي- في الوقت الراهن، تذوب صفيحة غرينلاند الجليدية ببطء، لكن بمجرّد أن تصل هذه العملية إلى نقطة التحوّل، سيكون انهيارها لا رجعة فيه. وهذا الانهيار سيؤدي إلى ارتفاع مستويات البحر بمقدار يصل إلى 7 أمتار على مستوى العالم، مما يشكّل تهديدًا مباشرًا لمدن ساحلية كبيرة مثل ميامي، الإسكندرية ومومباي التي قد تغرق تحت الماء.

وفي الوقت نفسه، يبدي العلماء قلقًا متزايدًا إزاء احتمال انهيار صفيحة غرب القارة القطبية الجنوبية الجليدية، وهو ما قد يخلّف تأثيراتٍ كارثيةٍ على السواحل في مختلف أنحاء العالم.

·   ذوبان التربة المتجمّدة في القطب الشمالي- مع ارتفاع درجات حرارة الغلاف الجوي، تبدأ التربة المتجمّدة في القطب الشمالي بالذوبان، مما يطلق كمياتٍ كبيرةٍ من الغازات الدفيئة التي كانت مُخزّنة تحتها، مثل الميثان. ومن شأن هذه الظاهرة أن تُساهم في تسريع وتفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري.

·   المحيطات المتغيرّة تُبدّل أنماط الطقس- تتسبّب المياه العذبة الناتجة عن ذوبان صفيحة غرينلاند الجليدية في تدفّق كمياتٍ كبيرةٍ إلى المحيط الأطلسي، ممّا يؤدي إلى تباطؤ تيار الخليج (غولف ستريم). هذا التباطؤ يتسبّب في فتراتٍ من الطقس القارس وشتاء أشدّ برودة في كلٍّ من الولايات المتّحدة وأوروبا.

إضافةً إلى ذلك، تمتصّ المحيطات الحرارة الناتجة عن انبعاثات غازات الدفيئة، ممّا يؤثّر كثيراً على الحياة البرّية وسُبل العيش في جميع أنحاء العالم. كما يُسهم ذلك في تعزيز ظاهرتَي (النينيو) و(النينيا) المناخيّتين في المحيط الهادئ، ممّا يؤدي إلى تغييرات متسارعة في أنماط الطقس العالمية.

·       انهيار غابة الأمازون المطيرة-  تتعرّض غابة الأمازون للتّدمير والحرق لتوسيع المساحات الزراعية، مما يجعلها تُنتِج أكثر من مليار طنٍّ من ثاني أكسيد الكربون سنويًّا، وهو ما يفوق الكمية التي تمتصّها. وإذا جفّت الغابة تمامًا، ستنبعث منها ملايين الأطنان من ثاني أكسيد الكربون الإضافية إلى الغلاف الجوي، مما يؤدّي إلى اضطرابات في تساقط الأمطار في أميركا الجنوبية ويُسهم في تغيير الأنماط المناخية في أجزاءٍ أخرى من العالم.

*تمّ اقتباس هذا المقال وتعديله استناداً إلى النسخة الأصلية الصادرة عن منظمة غرينبيس في المملكة المتحدة.